الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على بر والديك ومعرفة حدود الشرع في التعامل معهما.
أما عن سؤالك... فلقد أحسنت أمك حين صبرت على فراق زوجها، وبذلت جهدها في تربية أولادها، ولها بذلك الأجر العظيم عند الله إن كانت قصدت بذلك وجه الله.
وما ذكرته عن والدك من التقتير في الإنفاق عليكم -إن كان له مال ينفق به عليكم وكنتم فقراء- وسوء معاملته هو سلوك ذميم وخلق غير قويم، لكن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر ولا يسوغ مقاطعته أو الإساءة إليه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لقمان {14-15}
-أما كون أمك تغضب إذا علمت أنك ذهبت لزيارة أبيك، فإذا أمكنك أن تنصحها برفق وتذكرها بما أمر الله به من طاعة الوالد وتحريم عقوقه ومن ذلك قطع رحمه، فذلك الأولى والأفضل، وإن أصرت على منعك من زيارته، واستطعت أن تزوره دون علمها، فافعل، وابذل جهدك في الجمع بين برهما، واستعمل في سبيل ذلك ما يمكنك من الحيل المشروعة، والفطنة والحكمة مع الاستعانة بالله عز وجل والإلحاح في الدعاء.
-أما ما ذكرته من تفريق أمك في المعاملة بينك وبين أخيك، فقد يكون ذلك توهماً منك أو تفسيراً خاطئاً لبعض المواقف، فلا تترك مجالاً للشيطان لينزغ بينكم، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا {الإسراء:53}
وحتى لو فرض وجود هذا التفريق فإن هذا لا ينقص من حق أمك عليك شيئاً، ولا يبيح لك مقابلة ذلك بالإساءة، وإنما عليك بالتلطف في نصحها بالكلام اللين والدعاء لها.
وفقنا الله وإياك لما يرضيه.
والله أعلم.