الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأرض الأميرية هي التي تعود ملكيتها لبيت مال المسلمين ولم تقسم على الفاتحين المسلمين وبقيت رقبتها ملكا للدولة الإسلامية وأعطيت منفعتها لمن يقيمون عليها، وأصل ذلك يعود إلى عهد عمر بن الخطاب عندما فتح العراق ولم يقسم الأراضي المفتوحة على المقاتلين، وإنما أبقى رقبتها ملكا لبيت مال المسلمين، فالذي يملك التصرف في الأراضي الأميرية هو الحاكم المسلم، وليس له إقطاعها أو تمليكها عند المالكية والشافعية والحنابلة وخالفهم الأحناف في ذلك، وإذا صارت مواتا فهي لمن أحياها.
جاء في الموسوعة الفقهية: يجوز للإمام أن يدفع الأرض الأميرية للزراعة إما بإقامتهم مقام المالك في الزراعة وإعطاء الخراج، أو إجارتها للزارع بقدر الخراج، وعلى هذا اتفق الأئمة.
وأما إقطاعها أو تمليكها فمنعه المالكية والشافعية والحنابلة لأنه صار ملكا عاما للمسلمين، وأجازه الحنفية اعتمادا على أن للإمام أن يجيز من بيت المال من له غناء في الإسلام، كما أن له أن يعمل ما يراه خيرا للمسلمين وأصلح، والأرض عندهم بمنزلة المال. وعلى هذا، فمن يلغي إقطاعها لا يجيز تمليكها أو إرثها أو إرث اختصاصها وإنما منافعها هي التي تملك فقط، فله إيجارها وللإمام إخراجها عنه متى شاء.
وبناء على هذا.. فإن هذه الأرض في كلتا الحالتين المسؤول عنهما لا تورث، وإنما تنتقل منفعتها إلى ورثة الميت حسبما يقرره الحاكم المسلم، وله أن يسوي بين الذكر والأنثى إذا رأى المصلحة في ذلك لأن اجتهاد الحاكم مربوط بمصلحة الرعية. قال الدردير: والكلام فيها للسلطان أو نائبه، ولا تورث لأنها لا تملك ولو مات أحد الفلاحين وله ورثة وقد جرت العادة بأن الذكور تختص بالأرض دون الإناث -كما في بعض قرى الصعيد- فإنه يجب إجراؤهم على عادتهم على ما يظهر لأن هذه العادة والعرف صارت كالإذن من السلطان في ذلك.
وهذا عند الجمهور -كما تقدم- أما عند الحنفية فإذا مُلِّكت هذه الأرض لمن هي بيده صارت ملكا له ودخلت في الميراث الذي يقسم بعد وفاته.
والله أعلم.