الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصداق وهو العوض الواجب للمرأة على الرجل مقابل الاستمتاع، ويسمى كذلك الصَّدُقة والنحلة والمهر والفريضة والأجر، وسمي صداقاً لإشعاره بصدق رغبة الزوج في الزوجة .
والصداق يتقرر للمرأة كاملاً بأربعة أمور: بالخلوة والجماع والموت والمباشرة، فإذا عقد الإنسان على امرأة وخلا بها عن الناس ثبت المهر كاملاً لو طلقها، ولو عقد عليها ثم مات ولم يدخل بها ثبت لها المهر كاملاً، ولو عقد عليها وجامعها ثبت لها المهر كاملاً، ولو باشرها ثبت لها المهر كاملاً.
قال ابن قدامة في المغني: روى الإمام أحمد، والأثرم، بإسنادهما، عن زرارة بن أوفى، قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة. انتهى.
بناء على ذلك أخي السائل فإن خلوتك بزوجتك ومباشرتك لها واستمتاعك بها قد أوجب لها المهر كاملا, والذي فهمناه من السؤال أن المهر كان قائمة الأثاث والشبكة وأنه ليس هنالك مهر زائد على هذا، فإن كان كذلك فهذا مهرها الذي ثبت لها، ويجب عليها العدة بعد الطلاق.
ولكن طالما وقع الطلاق منك على الإبراء من بعض المهر وتم ذلك بالتراضي بينكما فإنه لا يلزمك إلا ما اتفقتما عليه, وهو على ما ذكرته أنت الشبكة ونصف الأثاث الذي كنت اشتريته حتى لحظة الطلاق, وما عدا ذلك لا يلزمك منه شيء؛ لأنه أصبح حقا لك بتنازلها عنه.
وأما ما كان منك من شهادة أمام الشيخ بأنه لم يكن هناك خلوة ولا دخول فاعلم أنك بذلك قد أتيت منكرا من القول وزورا, وفعلت كبيرة من الكبائر التي تستوجب منك المبادرة بالتوبة إلى الله جل وعلا, وهذا من جنس قول الزور الذي نهانا الله عنه في كتابه قال سبحانه: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ.{الحج:30}
روى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا أحدثكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه قال: الإشراك باللّه وعقوق الوالدين، قال: وجلس وكان متكئا قال: شهادة الزرو أو قول الزور، قال فما زال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقولها حتى قلنا ليته سكت. صححه الألباني.
وكان عليك أن تشهد بالحق وبما حدث بينكما، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ {النساء:135}.
ولكن أما وقد حدث ما حدث فإنه لا يجوز لك الآن أن تفشي هذا الأمر بل عليك بكتمانه لأنك لو أفشيته الآن فربما أدى إلى إفساد حياة هذه المرأة وهدم أسرتها وهذا حرام لا يجوز.
والذي يجب عليك الآن هو المبادرة بالتوبة إلى الله جل وعلا والندم الشديد على ما كان منك من هذا الأمر, ثم أكثر بعد ذلك من الأعمال الصالحات فإنها مكفرات للذنوب. قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}
فهذا إن شاء الله يكون مكفرا لك ولا تلزمك كفارة يمين.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19695, 1955, 108422, 1224.
والله أعلم.