الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنك لم تطرحي سؤالا محددا، ولعلك كنت تريدين بيان حكم الرقبى حتى تقنعي بجوازها من لم يقتنع به من إخوتك.
فإن كان هذا هو السؤال.. فالرقبى عند أبي حنيفة ومحمد أن يقول الرجل: إن متّ قبلك فهو لك وإن متّ قبلي رجعت إليّ، وعند الشافعية أن يقول: وهبت لك كل هذه الدار عمرك على أنك إن مت قبلي عادت إلي وإن مت قبلك استقرت لك، وعند الحنابلة: وَهَبْتُك هَذِهِ الدَّارَ، وَهِيَ لَك عُمْرَك عَلَى أَنَّك إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ أَوْ إلَى فُلَانٍ، وَإِنْ مِتَّ أَوْ مَاتَ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ عَلَيْك, وعند المالكية أن يقول الرّجل للآخر: إن متّ قبلي فدارك لي، وإن متّ قبلك فداري لك.
وبناء على هذه التعريفات فإن الصورة التي ذكرت داخلة في الرقبى عند الجمهور خارجة عند المالكية.
أما بخصوص حكم الرقبى فقد اختلف العلماء فيه، فمذهب الشافعية والحنابلة إلى جوازها، وأنها لمن أرقبها، والشرط لاغ، وهو قول أبي يوسف، ومذهب أبي حنيفة بطلانها، وكذلك المالكية.
جاء في الموسوعة الفقهية: واختلف العلماء في جوازها.. فذهب الشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف إلى أنّها جائزة، وهي لمن أرقبها، ولا ترجع إلى المرقب، ويلغى الشّرط، واستدلّوا بخبر: من أعمر شيئًا فهو لمعمره محياه ومماته، ولا ترقبوا، فمن أرقب شيئًا فهو سبيله.
وفي حديثٍ آخر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الرّقبى جائزة. وفي روايةٍ: العمرى جائزة لأهلها، والرّقبى جائزة لأهلها. وقالوا: فهذه نصوص تدلّ على ملك المعمر والمرقب بالفتح في كلٍّ منهما وبطلان شرط العود إلى المرقب.
وقال أبو يوسف: قول المرقب: داري لك، تمليك، وقوله: رقبى شرط فاسد فيلغى.
وقال أبو حنيفة ومحمّد: إنّ الرّقبى باطلة ; لأنّ معنى الرّقبى: إن متّ قبلك فهو لك وإن متّ قبلي رجعت إليّ، وهذا تعليق التّمليك بالخطر أي الأمر المتردّد بين الوقوع وعدمه فيبطل.
ولخبر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أجاز العمرى وردّ الرّقبى، وإلى هذا ذهب المالكيّة، وإذا لم تصحّ الرّقبى تكون العين عاريّةً لأنّه يتضمّن إطلاق الانتفاع به.
وقال خليل في مختصره: وجازت العمرى... لا الرقبى؛ كذوي دارين قالا: إن مت قبلي فهما لي وإلا فلك.
ولعل الراجح هو القول بجوازها وإلغاء الشرط، وأنها لمن أرقبها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لِمُعْمَرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ، وَلَا تُرْقِبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ لِسَبِيلِهِ رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني
ولقوله صلى الله عليه وسلم: الرقبى جائزة. رواه النسائي، وصححه الألباني.
والله أعلم.