الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستخارة طلب الاختيار، فالعبد يطلب من ربه أن يختار له خير الأمور، فإذا فعل فليمض فيما يراه أنفع له، فإن كان خيرا قدره الله له وإن كان غير ذلك صرفه عنه، والمصلحة فيما سألت عنه قد تكون في خسارتك هذا المال وأنت لا تشعر، وربما تكون في رفض صاحبك الزواج بأختك وأنت لا تدري، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216 }.
فعليك يا أخي أن تستخير الله في كل أمورك، فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن. متفق عليه، ثم امضِ بعد ذلك فيما أردت فعله فإن يسره الله فهو الخير وإن لم يتيسر علمت أن المصلحة لم تكن فيه، وعليكَ أن تفوض أمرك إلى ربك وتتوكل عليه، وإن شرح الله صدرك لأحد الأمرين بعد تجردك من الهوى فامض متوكلاً على الله عالماً أن الخير فيما يقدره تبارك وتعالى، وعليك إذا استخرت أن تحضر قلبك عند الدعاء وأن تصدق في اللجوء إلي رب الأرض والسماء, ولا يكونن دعاؤك واستخارتك مجرد تحريكٍ للسان فحسب، فإن هذا قد يكون سبباً من أسباب الرد وعدم القبول فلا تحصل النتيجة المرجوة من الاستخارة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس فسلوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل. رواه أحمد، وقال الهيثمي في المجمع والمنذري في الترغيب إسناده حسن وحسنه الألباني.
نسأل الله أن يقدر لنا ولك الخير حيث كان.
والله أعلم.