الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليكِ أن تجتهدي في دعوة زوجكِ إلى الله بالحكمة والموعظةِ الحسنة وأن تحاولي أن تستخرجي من قلبه آثارَ تلك الهزيمة النفسية التي وقع فيها فريسةٍ للصلف الإعلامي الغربي، وعليكِ أن تبيني له أن إقامة شعائر الإسلام وحفاظ المسلم علي هُويته ليس تطرفاً، وهل رأينا أحداً وصف النصارى الذين يأتون الكنائس أو اليهود الذين يرتادون المعابد بالتطرف؟، فلماذا يكونُ هذا الوصف حكراً علي المسلمين إذا التزموا بما تقتضيه تعاليم دينهم ؟ وعلى زوجكِ أن يعلم أن الكفار لن يرضوا عنه إلا إذا انسلخ من دينه وأعلن براءته من ملته كما قال الله تعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ {لبقرة 120 } فطالما أنه يقول: لا إله إلا الله فهم غاضبون عليه، فعليه ألا يشتري رضاهم بسخط الله فإن فعل فقد خسرَ البيع، وعليكِ أن تعلميه بالرفق واللين أنه ما خُلق إلا ليكون عبداً لله كما قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ {لذاريات 55-56}، فهو إن قصر وظيفته في الحياة علي الأكل والشرب ولعب الرياضة لم يعد أن يكون بمنزلةِ الحيوانات، بل قد تكون تلك الحيوانات أحسن حالاً منه فهل يرضي مسلمٌ لنفسه بمثل هذا الحال ؟، وأيُ خيرٍ فيمن لا يصلي؟، إن إضاعة الصلاة وتركها حتى يخرج وقتها إثمٌ عظيم أعظم من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع المسلمين.
فعلى زوجكِ أن يعلم أنه بتفويته الصلاة وإضاعته لها وجمعه بين الصلوات بلا عذر أنه بذلك على خطرٍ عظيم، وأنه عرضة لعقاب الله العاجل والآجل، بل قد ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى كفر من تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، فكيف يقدم زوجكِ حقوق البدن من الأكل والشرب والجماع ولعب الرياضة علي حق الله تباركَ وتعالى، إن كان له عقلٌ حقا فعليه أن يجتهد في شكر من أنعم عليه بهذه النعم حتى لا يسلبه الله إياها ويتركه صفر اليدين.
وأما زعمه بأن الشعائر الإسلامية قيود فزعمٌ باطل بل إقامة هذه الشعائر هو قمة التحرر، أعني التحرر من رق البدن وعبودية الأهواء والشهوات بالخروج إلي الفضاء الفسيح فضاءِ عبودية رب الأرض والسموات، ولا والله ما عرف طعم السعادة ولا ذاق لذة الحياة من لم يُشَرّف نفسه بعبودية الله عز وجل.
وعليكِ أن تعلمي زوجك أن شر الناس سرقةً الذي يسرق من صلاته فقبحاً لعبدٍ يستوفي مكيال شهواته ويطفف في مكيال صيامه وصلاته، وهذا الذي ينقص من ركوع الصلاة وسجودها يُخشى أن يكون ممن يُقال له "ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ ".
فعليكِ أن تناصحي زوجكِ في هذه الأمور وأن تبيني له ذلك برفقٍ ولين، وأن تذكري له الأدلة الشرعيةَ والعقلية على كلامك، واستعيني على ذلك بأهل الرأي والدين من قرابتك وقرابته واستعملي الوسائل الدعوية المتاحة من كتابٍ وشريطٍ وغير ذلك، واجتهدي في الدعاء له لعلَّ الله أن يهديه سواء السبيل، ويمكن أن تهدديه بأنكِ ستطلبين منه الطلاق إن أصر على عناده وتهاونه في أمر الدين، فإن تمادى ولم ينتفع بشيء من ذلك فلا خير في مصاحبة مَنْ هذه حاله، فنرجو إن فارقته أن يعوضكِ الله من هو خيرٌ منه، ثم اعلمي أنه مادام زوجاً لكِ فلا بد من إعطائه حقوقه ومعاشرته بالمعروف. وانظري الفتوى رقم: 48514.
والله أعلم.