خلاصة الفتوى:
قد يتعرض المؤمنون المخلصون لصنوف من البلاء... ولا يتعارض ذلك مع تكريم الله تعالى لهم لما فيه من رفع درجاتهم وتكفير سيئاتهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع شرعاً ولا عقلاً... أن يتعرض المؤمن للمصائب والبلايا والرزايا... في هذه الحياة، فالدنيا بطبيعتها دار ابتلاء وامتحان، وهذا الابتلاء تارة يكون بالخير وتارة يكون بالشر، كما قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}، ولله تعالى في ذلك حكم علمها من علمها وجهلها من جهلها، فهو سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.. وانظر المزيد من الفوائد والتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 25874، والفتوى رقم: 51946 وما أحيل عليه فيهما.
وقد ابتلي كثير من المؤمنين الأخيار في هذه الحياة بأنواع من البلايا وصنوف من الرزايا لا يصبر عليها إلا المخلصون الصادقون، وعلى رأس هؤلاء أنبياء الله وأعلام الهدى وأئمة الإسلام الكبار، ولكنهم صبروا فعوضهم الله تعالى الشرف والرفعة في هذه الدنيا والفوز بالنعيم المقيم الأبدي في دار كرامته في الآخرة، وقد جاء كثير من أخبار هؤلاء في نصوص الوحي من القرآن والسنة وكتب التاريخ، فمن أخبار الأولين ما جاء في صحيح مسلم من ضرب العبد الصالح جريج وهدم صومعته ورميه بالزنا، وكذلك الجارية الصالحة التي ضربوها واتهموها -كذباً- وقالوا لها زنيت وسرقت... وكذلك ما وقع لبعض أئمة هذه الأمة الكبار أمثال أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.. مما هو معلوم.
فقد ذكر الذهبي في السير وغيره: أن الإمام مالكاً لما ضربه والي المدينة وحلقه حُمل على بعير أو على حمار ليطوف به في شوارع المدينة فقيل له، ناد على نفسك فقال: ألا من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس الأصبحي أقول: طلاق المكره ليس بشيء، أو لا طلاق على مكره..
ولا يزال مثل هذا يقع ولن يزال، كما هي سنة الله التي لا تبديل لها، ففي هذا العصر اشتد البلاء على المسلمين وعلى دعاة الإسلام المخلصين بصفة خاصة، ولا تعارض بين ابتلاء الله لعباده المؤمنين في هذه الحياة وتكريمه لهم ودفاعه عنهم، فالبلاء يكون سبباً لتكفير السيئات ورفع الدرجات، وأهل الإيمان يظلون مرتاحين صابرين ويسعون في رفعه بالصبر والدعاء والاستقامة على الطاعة..
ولمزيد من التفصيل انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 94560، 31768، 69805 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.