الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالضرب في الأرض لتحصيل الرزق مما أذن الله فيه، قال تعالى: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ {المزمل:20}، وقال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15}، ولكن على الإنسان أن يكون حكيماً في التصرف فيما يرزقه الله، ويرتب الإنفاق بترتيب الشرع، قال صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك وبمن تعول. وأولاده وزوجته في المقدمة من ذلك، وعليه أن لا ينخدع بإغراءات استثمار وهمية من أناس غير ذي خبرة أو أمانة، وأن يقنع بما رزقه الله به ويكفيه لسد بعض حاجته الضرورية ويساعده في معاشه.
فالواجب على زوجك أن يقوم بواجباته نحوك وأن يؤدي إليك حقك الذي كفله الله لك، ومنه أن لا يغيب عنك أكثر من ستة أو أربعة أشهر بغير رضاك لغير ضرورة، فقد سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً امرأة تشكو إلى الله نيران فرقة زوجها، وعلم عمر أنه في الجهاد فأمر ألا يبعد الرجال في الجهاد أكثر من أربعة أشهر يعودون فيها إلى زوجاتهم، والأصل في الزواج السكن والمودة والقربى التي تكون بين الزوجين، وأعلمي زوجك أن المال لا يأتي بكل شيء يريده الإنسان وخير له ولك أن يعود لأسرته التي قاربت على التشتت والتفرق.
وأما عن إعطائه المال لأخيه فهذا من حقه ولا ينبغي الوقوف في وجهه ضده ما لم يتبين سفهه، مع أن الأولى بإعطاء المال الأشد حاجة من الأقارب، فانصحي زوجك بالحرص على حفظ ماله وعدم تعريضه للفساد، وعظيه أن الله تعالى كما يحاسب على كسب المال يحاسب عن كيفية إنفاقه.
والخلاصة: أنه لا يحق لك طلب الطلاق ولا يعد زوجك ظالماً لك ما دام يوفر لك نفقتك وكسوتك ولا يغيب عنك أكثر مما أذن له فيه الشارع، وتراجعي في ذلك الفتوى رقم: 43742.
والله أعلم.