الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه من المتفق عليه بين الأئمة أن الأصل في عطية الوالد لأولاده هو العدل بينهم في القسمة والعمدة، في ذلك حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما -أي:عبدا- كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرجعه. وفي لفظ: فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته فقال: فعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة. متفق عليه. وفي رواية لمسلم قال: فأشهد على هذا غيري. ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذن. وفي لفظ: فلا تشهدني فإني لا أشهد على جور. رواه البخاري ومسلم .
وقد استدل بعض أهل العلم بهذا الحديث على وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وعلى بطلانها إذا هي وقعت على خلاف ذلك، وممن قال بهذا إسحاق والثوري وصرح به البخاري، وهو قول عن الإمام أحمد.
وذهب الجمهور إلى أن التسوية بين الأولاد مندوبة، وحملوا الأمر الوارد بها في الأحاديث على الندب، كما حملوا النهي الثابت في رواية مسلم بلفظ: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء قال: بلى.؟ قال: فلا إذن. حملوا هذا النهي على التنزيه.
فصححوا عطية الوالد لأحد أولاده أو لبعضهم دون بعض في حياته وصحته، وهي ما يسمى بعطية الصحيح وهي ناجزة في الحال. والراجح هو وجوب التسوية بين الأولاد في العطية إلا إذا كان لمسوغ شرعي من فقر بعض الأولاد أو عجزه أو نحو ذلك من الأسباب.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 107734، ، 33348، 38399.
والله أعلم.