الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الفساد الداخل على المتاجرة في العملات سواء في البورصة أو في غيرها ينشأ عن التأخير في القبض وعن التفاضل عند اتحاد جنس العملة، وفي الحديث: الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيفما شئتم إذا كان يداً بيد. رواه مسلم.
والعملات تأخذ أحكام الذهب والفضة، وعليه فإذا باع الشخص عملة بعملة من جنسها كدولار بدولار متفاضلاً وبدون قبض فقد وقع في نوعي الربا، وإذا اختلفت العملتان ولم يحصل تقابض كان ذلك من ربا النسيئة. والحكم في جميع ذلك أن يفسخ ويحصل التراد من الطرفين.
يقول ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: العقد الفاسد يجب فيه التراد من الجانبين فيرد كل منهما على الآخر ما قبضه منه. انتهى.
ولما كان التراد غير ممكن في سوق البورصة كما لا يخفى، فعلى التائب التخلص من أرباح المضاربات الفاسدة التي لم يلتزم فيها بالضوابط الشرعية، لأنه لم يمتلكها بالعقد، وإنما له رأس ماله، فما زاد كان الواجب أن يرد إلى مالكه، فإذا لم يمكن ذلك صرفه في مصالح المسلمين، وأما المضاربات الصحيحة فأرباحها حلال، وإذا جهل قدر هذا المال واختلط الحلال بالحرام أخرج نصفه، جاء عن ابن تيمية: وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين.
والله أعلم.