الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس عودك إلى بلدك لخدمة والدك من بطر نعمة الله، فالبطر هو أن يطغى ويتكبر ويستخدم ما أنعم الله به عليه في غير طاعة الله، وأن لا يؤدي شكر هذه النعمة. وأما رجوعك إلى بلدك لرعاية والدك فحكمه يتوقف من حيث وجوبه واستحبابه على حسب الوضع والظروف التي يعيش فيها والدك، وعلى ذلك فإن كان يخشى عليه الهلاك أو أن يصيبه ضرر معتبر بسبب عدم وجود من يرعاه من أولاده، ولا يمكن توفير هذه الرعاية ولو عن طريق تزويجه أو استئجار من يعتني به، فإنه يجب عليكم أنتم أولاده أن يكون أحدكم بجواره ولو أن تتناوبوا في ذلك.
أما إذا كان لا يخشى عليه فأنت مخير بين البقاء في البلدة التي تعمل بها وبين العود إلى البلد الذي يقيم فيه والدك الآن، فإن رأيت النزول إلى بلدك والإقامة معه واحتسبت الأجر من الله تعالى فربما أبدلك الله بسبب برك بوالدك وإحسانك له من سبل الكسب خيرا مما أنت فيه.
فبر الوالدين والقيام على شؤونهما من أعظم البر، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله.
ولا شك أن وجودك بجوار والدك -خاصة إن كان هو محتاجا إليك- من أعظم البر. وعليك بالاستخارة قبل ما تفعل أي شيء، وسييسر الله لك الخير إن شاء الله، وراجع الفتويين رقم: 110813، 105154.
والله أعلم.