الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن الابتلاء للمؤمن هو علامة على محبة الله له, وتكفير لسيئات العبد حتى يوافي ربه بلا ذنب, كما أن إغداق النعم على العاصي قد يكون علامة على الاستدراج حتى يوافي ربه بكل ذنوبه فيأخذه بها, فقد روى الترمذي في سننه عن سعد رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة ...
وعند ابن ماجة مرفوعا: عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط ...
وقد قال الله تعالى عن الفجار: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ. {المؤمنون: 55, 56}.
فاتقي الله تعالى واصبري ولا تضيعي أجرك فتندمي , وانظري إلى من هم أشد بلاء منك لتعرفي فضل الله عليك، ولا تيأسي من الفرج، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ { يوسف :87 }.
وحالك هذا أيتها السائلة يذكرنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ضحك ربنا عز وجل من قنوط عباده، وقرب غيره، فقال أبو رزين: أو يضحك الرب عز وجل ؟ قال: نعم . فقال: لن نعدم من رب يضحك خيرا. رواه أحمد و الطيالسي وغيرهم.
و المعنى أنه تعالى يضحك من أن العبد يصير يائسا من الخير بأدنى شر وقع عليه مع قرب تغييره تعالى الحال من شر إلى خير ومن مرض إلى عافية ومن بلاء و محنة إلى سرور و فرحة, فاحذري كل الحذر من التسخط على أقدار الله تعالى واشكريه على نعمه عليك التي لو أردت أن تعديها لما استطعت، ولا تكوني كنودا تحصين المصائب وتنسين النعم، وعودي إلى ما كنت عليه من المحافظة على أداء الصلاة في وقتها مع الخشوع وحضور القلب, فالصلاة عمود الدين ولا تكوني طعما سائغا للشيطان, وانظري الفتوى رقم: 93791، والفتوى رقم: 101369 , وأخيرا نسأل الله أن يفرج كربك ويزيل غمك.
والله أعلم.