الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما عن حكم عدم زيارتكم لأهل زوجتك مع الاكتفاء بالسؤال عنهم هاتفيا فهذا جائز بالنسبة لك، ولا تلزمك زيارتهم. وأما زوجتك فإن مقاطعة رؤية الوالدين تعتبر من العقوق؛ لما يترتب عليها من حزن لدى الوالدين وألم وشوق لولدهما، فالاكتفاء بالاتصال الهاتفي جفاء وقطيعة، وهذا عقوق بالوالدين فلا يجوز، ولو كان الوالدان أو أحدهما يفسد الزوجة على زوجها فللزوج منعها من زيارتهما.
كما قال المرداوي في الإنصاف: الصواب في ذلك – أي في حكم منع الزوج زوجته من زيارة أهلها - : إن عرف بقرائن الحال: أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع ، وإلا فلا. انتهى .
وانظر التفصيل في الفتوى رقم 20950 والفتوى رقم 22026, وأما دعاؤك عليهم فيجوز لك أن تدعو عليهم إن ظلموك فعلا ، وذلك أنه يجوز للمظلوم أن يدعو على ظالمه وإن كان الأولى هو العفو والصفح. كما قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 54408، والفتوى رقم: 76714، والفتوى رقم: 28754.
وأما أخذ المبلغ الزائد فإن السؤال يكتنفه شيء من الغموض ولم نفهم على الحقيقة المقصود بقولك ( حبس فلوسي ) فهل منعوك من السكن في شقتك أم خرجت منها طوعا، وهل الأرض التي بنيت عليها هي ملك لهم أم لك ؟؟ ولكن على وجه العموم إذا كنت قد بنيت شقتك على أرض هي ملك لأصهارك – كما يظهر من قولك بنيت عند أهل زوجتي - فإن الأمر لا يخلو من أحوال:
الأول : أن يكونوا قد وهبوا لك تلك الأرض التي بنيت عليها البيت، وفي هذه الحال تصير الأرض ملكا لك ولا يجوز لهم إخراجك من الشقة بحجة أن الأرض لهم؛ لأن هذا رجوع في الهبة والرجوع في الهبة أمر محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. متفق عليه.
ولأبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه.., وإن أخرجوك في هذه الحال فلك أن تطالبهم بدفع تعويض عن الضرر الذي لحقك بإخراجك من الشقة واستئجارك لمسكن آخر. وانظر الفتوى رقم 9215 والفتوى رقم: 35535 عن مشروعية التعويض عن الضرر .
الثانية: أن يكونوا قد أذنوا لك بالبناء من غير تصريح بالتمليك فهذه عارية ويجوز لهم استرداد تلك الأرض متى شاءوا، ويلزمهم أن يدفعوا لك قيمة البناء قائما لا منقوضا. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة. وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 65439 .
الثالثة : أن تكون قد بنيت على أرضهم بغير إذنهم فأنت غاصب حينئذ ولهم استرداد الأرض ويدفعون لك قيمة البناء منقوضا لا قائما.
وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 71323 .
والله أعلم.