الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا تيقنت من إصابة النجاسة للأجزاء الداخلية من هاتفك الجوال فالأولى أن تقوم بتطهير الهاتف من النجاسة التي أصابته، فإن كانت الأجزاء التي أصابتها النجاسة لا يمكن غسلها فيجوز أن تطهرها بمسحها، وقد اختلف أهل العلم في الأشياء المصقولة هل تطهر بالغسل أم يجزئ فيها المسح، ومذهب الحنفية والمالكية ورواية للحنابلة اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يجزئ فيها المسح.
قال النووي في المجموع: إذا أصابت النجاسة شيئاً صقيلاً كالسيف والسكين والمرآة ونحوها لم تطهر بالمسح ولا تطهر إلا بالغسل كغيرها، وبه قال أحمد وداود، وقال مالك وأبو حنيفة: تطهر بالمسح. انتهى.
وقال الزيعلي في تبيين الحقائق: السيف من الحديد الصقيل كالمرآة والسكين إذا تنجس يطهر بالمسح؛ لما صح أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقتلون الكفار بسيوفهم، ثم يمسحونها ويصلون معها، ولأن غسل السيف والمرآة ونحو ذلك يفسدها فكان فيه ضرورة، ولا فرق بين الرطب واليابس ولا بين ما له جرم وما لا جرم له. انتهى.
وقال الخرشي في شرح مختصر خليل ما ملخصه: عفي عما أصاب السيف الصقيل وشبهه من كل ما فيه إذا أصابه دم خاصة مباح لئلا يفسد بالغسل سواء مسحه من الدم أم لا... المشهور في تعليل العفو هو الإفساد بالغسل لا لانتفائها بالمسح. انتهى.
فإن استطعت تطهير هذه الأجزاء جاز لك بيع الهاتف، وإن عجزت عن ذلك فيجب عليك أن تخبر من يشتري الهاتف بهذه النجاسة حتى يحترز عن حمله في الصلاة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23608.
ولا يجوز لك أن تبيع الهاتف دون أن تبين ما أصابه، لما رواه ابن ماجه والحاكم من حديث عقبه بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بينه له. ولما روى حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقاً وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. متفق عليه.
وكتمان العيب غش، والغش حرام؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: من غشنا فليس منا. رواه مسلم، ومع هذا، فإذا وقع البيع مع كتمان العيب فإن البيع صحيح مع الإثم والمعصية عند جمهور الفقهاء، كما قال السبكي في تكملة المجموع.
والله أعلم.