الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن توكيل السفيه على المال لا يجوز لما في ذلك من تعريض المال للضياع, والمال أحد الضروريات الخمس التي يجب الحفاظ عليها, فقد قال تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا. {النساء: 5}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاواه: وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذَا مِثْلُ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ مَالَهُ إلَى وَلَدِهِ السَّفِيهِ أَوْ امْرَأَتِهِ السَّفِيهَةِ فَيُنْفِقَانِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ تَحْتَ أَمْرِهِمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَى السَّفِيهِ مَالَ نَفْسِهِ فَإِنَّ اللَّهَ نَهَى عَنْ تَسْلِيمِ مَالِ نَفْسِهِ إلَيْهِ إلَّا إذَا أُونِسَ مِنْهُ الرَّشَدُ . وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى النَّوْعَيْنِ كِلَيْهِمَا .
وقد أحسنتم – أحسن الله إليكم – حين نصحتم الرجل بأن لا يتعامل مع ابنكم لما يتصف به من سفه, فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ. رواه البخاري ومسلم.
أما بخصوص سؤالك المبني على أن ابنكم سفيه وأن موكله عالم بذلك فلا ضمان على ابنكم .
جاء في حاشية البجيرمي : (( وَلَا يَضْمَنُ ( يعني السفيه ) مَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ بِإِذْنِهِ ) أَوْ بِإِقْبَاضِهِ الْمَفْهُوم بِالْأَوْلَى ( وَتَلف ) وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ لَهُ فِي غَيْرِ أَمَانَةٍ ( قَبْلَ طَلَبِ ) ...بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ أَوْ مِنْ رَشِيدٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِقْبَاضهُ، أَوْ تَلِفَ بَعْدَ طَلَبِهِ وَالِامْتِنَاع مِنْ رَدِّهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فِي أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ .
وجاء في المغني لابن قدامة: فإذا حجر عليه فباع واشترى كان ذلك فاسدا واسترجع الحاكم ما باع من ماله ورد الثمن إن كان باقيا وإن أتلفه السفيه أو تلف في يده فهو من ضمان المشتري ولا شيء على السفيه وكذلك ما أخذ من أموال الناس برضا أصحابها كالذي يأخذه بقرض أو شراء أو غير ذلك رده الحاكم إن كان باقيا وإن كان تالفا فهو من ضمان صاحبه علم بالحجر عليه أو لم يعلم لأنه إن علم فقد فرط بدفع ماله إلى من حجر عليه وإن لم يعلم فهو مفرط إذ كان في مظنة الشهرة هذا إذا كان صاحبه قد سلطه عليه فأما إن حصل في يده باختيار صاحبه من غير تسليط كالوديعة والعارية فاختار القاضي أنه يلزمه الضمان إن أتلفه أو تلف بتفريطه لأنه أتلفه بغير اختيار صاحبه فأشبه ما لو كان القبض بغير اختياره .
وللأهمية راجع الفتاوى : 70372، 98351، 105611.
والله أعلم.