الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقد أخطأ هذا الخاطب حين سألك أن تخبريه عن ماضيك، فهو أمر مخالف للشرع، لما فيه من هتك الستر عن المسلم، وما يترتب عليه من فتح باب الوساوس وإساءة الظن، وقد أمر الشرع من اقترف ذنباً أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ... رواه مالك في الموطأ .
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه مسلم.
فقد أصبتِ إذ لم تخبريه بما وقع منك في الماضي، ولكن ذلك ينبغي أن يكون بدون كذب صريح، وذلك بالتهرب من الجواب أو التعريض بكلام يحتمل أكثر من معنى.
وعليك بالتوبة إلى الله مما مضى، و الندم على ما وقع منك، واعلمي أن وصفك هذه العلاقة القديمة بكونها غير مخجلة غير صحيح، فإنه وإن كانت هذه الأمور تتفاوت في الإثم إلا أن كل علاقة بين رجل وامرأة أجنبية منه وليست زوجة له فهي علاقة غير مشروعة، وينبغي الخجل منها، حياء من الله وإقراراً بالذنب.
أما قول هذا الخاطب: (تحرمي عليّ) فما دام لم يعقد عليك، فهذا الكلام لا يقع به تحريم بعد الزواج سواء أراد بالتحريم الطلاق أو الظهار، فهذا هو الراجح من أقوال الفقهاء، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ {المجادلة: 3} ولا تكون المرأة من نسائه إلا بعد العقد عليها، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق قبل نكاح ولا عتاق قبل ملك. رواه ابن ماجه وصححه الألباني في الإرواء .
وننبه السائلة إلى أن حكم المخطوبة بالنسبة للخاطب -ما دام لم يعقد عليها- لا يختلف عن حكم أي فتاة أجنبية عنه، فلا يحل له الخلوة بها ولا لمس بدنها، بل ولا الحديث معها لمجرد الاستمتاع والتشهي وإنما ينبغي أن يتقيد ذلك بقيود الكلام مع الأجنبية فلا يكون إلا للحاجة والمصلحة المعتبرة شرعاً وفي حدود الاحتشام والجدية والبعد عن كل ما يثير الفتنة من الخلاعة والليونة وإزالة الكلفة.
والله أعلم.