الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحلف بالطلاق حكمه حكم الطلاق المعلق عند جمهور الفقهاء، والطلاق المعلق يقع عند وقوع ما علق عليه، وأنت قد حلفت على زوجتك بالطلاق أن تفتح النت فوراً، وطالما أنها لم تستجب لك فقد وقع عليها الطلاق سواء كان قصدك مجرد اليمين أو وقوع الطلاق فعلاً، ولا تأثير هنا لما قمت به من كفارة اليمين، وهذا هو ما عليه جمهور أهل العلم، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الزوج إن قصد بحلفه ما يقصد باليمين من الحث أو المنع فإنه يكون يميناً تلزم فيه كفارة يمين عند الحنث ولا يلزم منه طلاق.
وأما ما ذكرت من أنك كنت في حالة هياج وغضب أخرجتك عن وعيك، فإن كان الأمر على ما ذكرت بحيث إنك لم تكن تعي ما قلت ولا ما صدر عنك، فإن الطلاق لا يقع في هذه الحالة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.
والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير بسبب الغضب أو غيره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وحقيقة الإغلاق أن يغلق على الرجل قلبه فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به، كأنه انغلق عليه قصده وإرادته، ويدخل في ذلك طلاق المكره والمجنون ومن زال عقله بسكر أو غضب وكل من لا قصد له ولا معرفة له بما قال.
أما إن وصلت إلى حالة من الغضب ولكنك تدرك ما تقول وتعي ما يصدر منك فهذا لا يمنع وقوع الطلاق، فالأمر إليك في تقدير الحالة التي أوصلك الغضب إليها، فاتق الله سبحانه في ذلك، واعلم أنك موقوف بين يديه، وطالما أن هذه أول مرة يحدث منك الطلاق، فما حدث منك من رجعة لزوجتك رجعة صحيحة، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الحر إذا طلق دون الثلاث والعبد دون اثنتين أن لهما الرجعة في العدة.
والرجعة تحصل بعدة أشياء منها أن يقول الرجل لمطلقته راجعتك إلى نكاحي، أو ما يقوم مقامها من الألفاظ التي تدل على الرجعة، ومنها أن يجامعها أو يقبلها أو يمسها بشهوة بنية الرجعة لأن ذلك يدل على رغبته في إرجاعها، ويستحب الإشهاد على رجعتها عند جمهور العلماء، لقوله سبحانه: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ {الطلاق:2}.
وللفائدة في الموضوع راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 108586، 1956، 1496.
والله أعلم.