الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب عليك أن تنصحي زوجك بالمداومة على الصلاة في أوقاتها، وأن تذكريه دائما بعظم أمر الصلاة ومكانتها من الدين، فإن هو استجاب فالحمد لله على ذلك، ونسأل الله أن يغفر له ما مضى، وأما إذا أعرض عن التذكرة واستمر على تضييعه للصلوات وعدم اهتمامه بها، فإنا ننصحك بطلب الطلاق منه، فلا يحل لك البقاء مع إنسان مضيع للصلاة, خصوصا أنه قد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من ترك صلاة واحدة بغير عذر حتى يخرج وقتها فإنه يكفر بذلك. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة. رواه مسلم.
قال الإمام إسحاق بن راهويه: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمداً كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر. قال: وذهاب الوقت أن يؤخر الظهر إلى غروب الشمس، والمغرب إلى طلوع الفجر.
ويجب عليك أيضا أن تذكريه بأن الحلف لا يكون إلا بالله سبحانه فلا يكون بطلاق ولا بغيره، قال صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
وأما بالنسبة للعمل فلا يجوز لك أن تعملي إلا بإذن زوجك، طالما أنك لم تشترطي عليه عند العقد الاستمرار في العمل، لأن طاعة الزوج واجبة فإذا أمرك بترك العمل فيجب عليك طاعته.
ولكن ليس له أن يجبرك على الاستقالة من العمل ؛ لأن هناك فرقا بين العمل حقيقة وبين أن تكوني مقيدة في عمل ولكنك لا تعملين ؛ لأن في خروجك إلى العمل تضييعا لحق الزوج إذ المرأة محتبسة لحق زوجها، وأما كونك مقيدة بعمل ما ولا تخرجين له فهذا لا يضر الزوج في شيء, وطاعة المرأة لزوجها إنما تكون فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه كما قال ابن نجيم في" البحر الرائق شرح كنز الدقائق": المرأة لا يجب عليها طاعة الزوج في كل ما يأمر به إنما ذلك فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه خصوصا إذا كان في أمره إضرارا بها. انتهى.
وأما بالنسبة لوسيلة منع الحمل، فإن كان منع الحمل لفترة معينة حتى يستبين بها الوضع الذي ستؤول إليه العلاقة بينك وبين زوجك فلا حرج في ذلك -إن شاء الله- بشرط رضا الزوج بذلك؛ إذ له الحق في الولد ما دامت العلاقة الزوجية قائمة، وفي هذه الحالة تأخذين بأسباب المنع التي ليس فيها كشف للعورة أو تأثير دائم على الإنجاب فتستعملين الحبوب أو الإبر أو العوازل المطاطية مثلا، وعليك أن تستشيري الطبيبة المسلمة في ذلك.
أما إذا لم يوافق الزوج فعليك بطاعته ولا يجوز لك أن تأخذيها رغما عنه ولا بدون علمه.
والله أعلم.