الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أنه ينبغي على الأولياء تعجيل الزواج، متى أمكن ذلك، حرصاً على العفة والاستقامة، ودفعاً للفتنة والفساد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. ابن ماجة الترمذي، وحسنه الألباني في الإرواء.
فالذي ننصح به أولياءك، تعجيل هذا الزواج، بالتغاضي عن الأمور التي يمكن التغاضي عنها، فإن كثيراً من الناس يؤجلون الزواج لأمور يعتبرونها من الضروريات لإتمام الزواج، ولكنها في الحقيقة مجرد أمور جرى بها العرف، ويمكن الاستغناء عنها وتستقيم الحياة بدونها، فينبغي ألا تقف هذه الأمور أمام تعجيل الزواج الذي يحقق المصالح العظيمة ويدفع المصائب الكثيرة، لا سيما مع كثرة الفتن في هذا الزمان.
ولا شك أن التنازل عن بعض أمور الدنيا ومخالفة العرف أهون عند المؤمن من التنازل عن عفته ومخالفة ربه، ويجب أن نثق بوعد الله في كتابه حيث قال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النــور:32}
أما إذا تعذر تعجيل الزواج لعدم توفر الأمور التي لا تستقيم الحياة بدونها، فعليك بالصبر حتى يرزق الله من فضله، قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فضله {النــور:33}.
وإن رأيت بعد الاستخارة ومشاورة العقلاء من أهلك أن المصلحة في فسخ الخطبة فلك ذلك، فإن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وليست عقدا ملزما، والعدول عنها حق من حقوق كلا الخاطبين.
وعليكما بالاستغفار والدعاء عموماً، وخصوصاً بالأدعية الواردة في القرآن والسنة .
وننبه السائلة إلى أن خوفها على خطيبها من عذاب الله أكثر من خوفها على نفسها، هو أمر لا يقره الشرع، وإنما يجب على الإنسان أن يخشى على نفسه أولاً، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}
وقال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. {عبس:34، 35، 36}
نسأل الله أن يغفر لنا ولكم وأن ييسر لكم أمركم .
والله أعلم.