الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصبي إذا كان غير مميز فبيعه باطل غير منعقد أصلا، وإن كان مميزا فبيعه منعقد بإذن وليه أو إذا أجاز تصرفه عند الحنابلة والمالكية والحنفية خلافا للشافعية ورواية عند الحنابلة.
قال ابن قدامة في المغني: ويصح تصرف الصبي المميز بالبيع والشراء، فيما أذن له الولي فيه. في إحدى الروايتين. وهو قول أبي حنيفة. والثانية، لا يصح حتى يبلغ. وهو قول الشافعي لأنه غير مكلف، أشبه غير المميز. ولأن العقل لا يمكن الوقوف منه على الحد الذي يصلح به التصرف; لخفائه، وتزايده تزايدا خفي التدريج، فجعل الشارع له ضابطا، وهو البلوغ، فلا يثبت له أحكام العقلاء قبل وجود المظنة. ولنا، قول الله تعالى: وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ . ومعناه; اختبروهم لتعلموا رشدهم. وإنما يتحقق اختيارهم بتفويض التصرف إليهم من البيع والشراء; ليعلم هل يغبن أو لا. ولأنه عاقل مميز، محجور عليه، فصح تصرفه بإذن وليه، كالعبد. وفارق غير المميز، فإنه لا تحصل المصلحة بتصرفه; لعدم تمييزه ومعرفته، ولا حاجة إلى اختياره ; لأنه قد علم حاله. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: والمعنى أن شرط صحة عقد عاقد البيع وهو البائع والمشتري التمييز، وهو إذا كلم بشيء من مقاصد العقلاء فهمه وأحسن الجواب عنه فلا ينعقد من غير مميز لصبا أو جنون أو إغماء منهما أو من أحدهما عند ابن شاس والمؤلف وابن راشد. انتهى.
وقال الحطاب في مواهب الجليل في شرحه لمختصر خليل: والمعنى أنه يشترط في لزوم البيع أن يكون عاقده مكلفا، فلو باع الصبي المميز أو اشترى انعقد بيعه، وشراؤه، ولكن لا يلزمه ولوليه النظر في إمضائه، ورده بما يراه أنه الأصلح للصبي. انتهى.
والله أعلم.