الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان ما فعله والدك أيها السائل وفقك الله تعالى من كتابة الأسهم باسمك هرباً من سداد الديون التي يلزمه أداؤها، فلا يجوز له فعل ذلك بل الواجب عليه المبادرة إلى أداء هذه الديون، وذلك لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني ظلم. والمطل منع قضاء ما استحق أداؤه، ونصَّ العلماء على أن الغني إذا تكررت منه المماطلة فإنه يفسق وترد شهادته، وعن عَمْرِو بن الشَّرِيدِ عن أبيه عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ.علقه البخاري ورواه موصولاً أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 23727.
وإذا كانت هذه الديون بغير حق جاز لوالدك عدم سدادها والتهرب من أدائها، والأولى أن يفعل ذلك بدون الوقوع في فعل محرم من كذبٍ أو غيره.
وفي كلا الحالين فإن هذا البيع الصوري - ويسميه الفقهاء بيع التلجئة - بيع باطل على مذهب الحنفية والحنابلة، وهو القول الذي نراه راجحاً.
جاء في الفتاوى الهندية: التلجئة هي العقد الذي ينشئه لضرورة أمر فيصير كالمدفوع إليه وأنه على ثلاثة أضرب، أحدها: أن تكون في نفس البيع وهو أن يقول لرجل: إني أظهر أني بعت داري منك وليس ببيع في الحقيقة ويشهد على ذلك ثم يبيع في الظاهر فالبيع باطل. اهـ.
وفي كشاف القناع: وشروط البيع سبعة أحدها: التراضي به منهما ما لم يكن بيع تلجئة بأن يظهرا بيعا لم يريداه باطنا بل أظهراه خوفا من ظالم ونحوه، فالبيع إذن باطل حيث تواطآ عليه. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا أظهر العاقدان عقدا في الأموال، وهما لا يريدانه، أو ثمنا لمبيع وهما يريدان غيره، أو أقر أحد لآخر بحق وقد اتفقا سرا على بطلان ذلك الإقرار الظاهر، فقد قال بعض الفقهاء، كالحنابلة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن: الظاهر باطل. وقال بعضهم كأبي حنيفة والشافعي: الظاهر صحيح، وقد فصل ذلك الفقهاء في كتاب البيوع عند كلامهم على بيع التلجئة، وسمى المعاصرون هذا العقد الظاهر بالعقد الصوري. اهـ.
وعلى هذا فلا يصح هذا البيع ولا يترتب عليه آثار العقود مثل التملك به، ولا يجوز لك أن توقع على عقود محرمة أو فيها شبهة لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وعليك نصح والدك باللين والرفق بعدم المماطلة في قضاء الديون وعدم تعاطي العقود المحرمة، وأن يلتمس البركة في الرزق بطاعة الله تعالى.
أما سؤالك عن حكم شراء الآلات من الشركة التي يملكها الأجانب؟ فالشراء جائز ما لم تعلم أو يغلب على ظنك أن هذا الرجل غير مأذون له بالتصرف أو أن الشركاء الأجانب يرفضون البيع، لأن الأصل أن أمور المسلمين محمولة على الصحة، وما دام هذا المدير نافذ التصرف ولم يقم شركاؤه بمنعه من التصرف فالظاهر أنه يتصرف فيما هو مأذون له فيه، والأحكام إنما تجرى على الظاهر.
ويمكنك أن تراجع في بيان الأسهم التي يمكن التعامل بها الفتاوى الآتية أرقامها: 1214، 2420، 3099.
والله أعلم.