الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزادك الله حرصا على دينك، وثباتا على إيمانك.
واعلم أن الحديث بين الرجل والمرأة لا يجوز إلا إذا وجدت حاجة تدعو له، أما الكلام لمجرد الأنس فغير جائز, وإن زين الشيطان ذلك في أول الأمر وأظهره على أنه علاقة بريئة من كل ما يدعو إلى الحرام.
قال العلامة الخادمي رحمه الله: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.
وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها -أي على الشابة- لم ترده دفعاً للمفسدة.
أما إذا وجدت الحاجة فيجوز الكلام بهذه الشروط:
1- أمن الفتنة، فإذا خاف الرجل أن يفتتن بكلام المرأة أو تفتتن هي به فلا يجوز.
2- ألا يكون هناك خضوع بالقول، ولا إلانة في الحديث لأن هذا مما يفتح الأبواب لإغواء الشيطان، قال سبحانه: فَلا تَخضعْنَ بِالقَولِ فَيطمَعَ الذِي في قَلبِهِ مَرض وَقلن قَوْلا مَعْروفا [الأحزاب: 32].
3- أن يكون الكلام في حدود الضرورة أو الحاجة لا يزيد على ذلك ؛ لأن ما جاز لحاجة أو ضرورة إنما يقدر بقدرها.
فعلم مما سبق أن ما دار بينك وبين هذه الفتاة من حديث في حدود ما ذكرت لا حرج فيه إن شاء الله، ولا بأس في أن تحاول أن تكلم أولياءها وتخطبها منهم مرة أخرى، أو أن توسط بينك وبينهم أهل الخير ممن هم على علاقة بأهلها، ولا بأس بأن تعلمها برغبتك في التقدم لخطبتها وتخبرها بموعد ذلك، وليكن الكلام مقتصرا على ذلك، فإن أجابوك إلى ما تريد فبها ونعمت، وإلا فأعرض عن هذه الفتاة واشتغل بما يعود عليك بالنفع في أمر دينك ودنياك، وادع الله سبحانه أن يرزقك خيرا منها. وللفائدة تراجع الفتويين: 76853، 21582.
والله أعلم.