الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت أنت وأمك قد شككتما في عدد أشواط الطواف أثناء القيام به فكان عليكما أن تبنيا على اليقين وتأتيا بالشوط المشكوك فيه، لأن الشك فى نقص العبادة أثناءها كاليقين، لكن إذا كان زوجك عدلا فيكفيكما ـ عند بعض أهل العلم كالحنابلة والمالكية خلافا للشافعية ـ إخباره بكمال طوافكما، ولكما الأخذ بهذا القول.
قال ابن قدامة فى المغني وهو حنبلي: وإن شك في عدد الطواف, بنى على اليقين. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. ولأنها عبادة فمتى شك فيها وهو فيها, بنى على اليقين كالصلاة. وإن أخبره ثقة عن عدد طوافه, رجع إليه إذا كان عدلا. انتهى.
وقال الباجي في المنتقى وهو مالكي: ومن شك في طوافه فأخبره من يطوف معه أنه قد أتم طوافه، قال مالك: أرجو أن يكون في ذلك بعض السعة، قال الشيخ أبو بكر: هذا استحسان من مالك, والقياس أن يبني على يقينه ولا يلتفت إلى قول غيره كما يفعل ذلك في الصلاة، وما قاله الشيخ أبو بكر فيه نظر، ولقول مالك وجه صحيح من النظر, وذلك أن المكلف لا يرجع في الصلاة إلى قول من ليس معه في العبادة، لأنها عبادة شرعت لها الجماعة، وأما العبادة التي لم تشرع فيها الجماعة فإنه يعتبر فيها من ليس معه في العبادة كالطهارة والصوم. انتهى.
وأما على القول بأن إخبار الزوج المذكور لا يفيد فعمرتكما ناقصة، وأمسكا عن محظورات الإحرام، فأنتما باقيتان على إحرامكما حتى ترجعا إلى مكة وتقوما بالشوط الباقي ثم بالسعي بعد ذلك ثم تتحللان من العمرة، وما حصل من محظورات الإحرام قبل تحللكما، فما كان منه من قبيل الترفه كلبس المخيط واستعمال الطيب فلا شيء فيه، وما كان من قبيل الإتلاف كحلق الشعر وقص الأظافر ففي كل جنس منه فدية واحدة ولو تكرر كثيرا، كما أن الجماع نسيانا أو جهلا لا يبطل العمرة، ولا يترتب عليه شيء عند بعض أهل العلم وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية كما تقدم في الفتوى رقم: 14023 .
وإن عجزتما عن الرجوع إلى مكة لمرض أو قلة نفقة أو غير ذلك من الموانع الشرعية فتتحللان تحلل المحصر وذلك بذبح هدي عن كل منكما بنية التحلل مع قص شيء من الشعر، وهذا الهدي أقله شاة تذبح في الحرم وتوزع على الفقراء من أهله، وبالإمكان إرسال مبلغ لمن يقوم بذلك نيابة عنكما.
والله أعلم.