الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعلاقة بين الزوجين ينبغي أن تقوم على المعاشرة بالمعروف، قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... استوصوا بالنساء خيراً. صحيح البخاري ومسلم.
والمشروع عند حدوث الخلاف بين الزوجين أن يبدأ الرجل بمحاولة الإصلاح، كما أرشدنا الله بقوله: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا* وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:34-35}، وعليه فما فعله أبوك من هجر المنزل -إن لم يكن له مسوغ شرعي فهو غير صحيح- كما أن التذكير بخلافات قد مضت منذ سنين هو أمر غير مفيد، فينبغي لأبيكم تجنبه، وأما ما يتعلق بحقه في معاشرة زوجته فهو محق فيه، فإن من أوجب الواجبات على الزوجة تجاه زوجها طاعته في الاستمتاع بها متى أراد ما لم يكن لها عذر.
وأما مسامحة أمك لأخطاء زوجها وعدم ذكرها له فهو من كريم الخصال ومن محاسن الأخلاق، وكذلك ذهابها إليه لمصالحته وإرضائه فهو من العفو الذي يحبه الله ويزيد صاحبه عزاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .. وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً.
ونحن ننصحها بالاستمرار في ذلك طالما أنه يفيد في الأمر تفادياً لهدم الأسرة وتشتتها، وأما ما يتعلق بمعاملتكم لأبيكم فمهما كان من سوء خلقه وظلمه لكم أو لأمكم فإن ذلك لا يسقط حقه علكيم في البر وعدم جواز مقاطعته أو الإساءة إليه، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15}، فالواجب عليكم بر والديكم وطاعتهما في غير معصية، والإحسان إليهما وإسداء النصح لهما بالمعروف مع مراعاة الطريقة اللائقة بمخاطبة الوالدين، من التوقير والرفق وخفض الجناح مع كثرة الدعاء لهما، علماً بأنه لا تجب عليه نفقتكم -أبنائه وبناته- ما دمتم في غنى عنه.
والله أعلم.