الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الهبة لا تفتقر ديانة إلى شهادة ولا إلى توثيق، فمتى قبض الموهوب له الموهوب بإذن الواهب كان ذلك كافياً ديانة فيما بين العبد وربه.
فعن عائشة رضي الله عنها: أنا أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقاً، ولو كانت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
وقال في الزاد: وتلزم بالقبض بإذن واهب. أما قضاء فلا بد لإثباتها من بينة، والبينة كما تحصل في الأموال بشهادة عدلين فإنها تحصل كذلك بشهادة رجل وامرأتين, وشهادة رجل عدل ويمين صاحب الحق, كما هو مذهب الجمهور، أو إقرار الواهب أو إقرار وارثه بعد موته.
وبناء على هذا فإن الهبة هنا ثابتة ديانة، وبموجبها يجوز للولد التصرف في الأرض الموهوبة، وتثبت كذلك قضاء إن ثبتت البينة على نحو ما تقدم، فإذا ما وهب الأب لابنه هبة وقبضها فقد تمت الهبة لكن ينظر هل هذا الأب أعطى لبقية أبنائه أو بناته مثل ما أعطى لولده هذا أم لا... فإن كان آثر هذا الولد لغير مسوغ فالراجح أنه يجب عليه أن يعطي مثل ذلك لغيره من أبنائه أو ينزعها منه، وقد سبق حكم هذه المسألة في الفتوى رقم: 107734.
والله أعلم.