الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن دخول الكنائس إذا خلت من المنكرات والمعاصي جائز ولا حرج فيه، قال ابن مفلح في الآداب: وله دخول بيعة وكنيسة ونحوهما والصلاة في ذلك، وعنه يكره إن كان ثم صورة، وقيل مطلقاً، وقال في المستوعب وتصح صلاة الفرض في الكنائس والبيع مع الكراهة، وقال ابن تميم: لا بأس بدخول البيع والكنائس التي لا صور فيها. انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: ولا بأس بالصلاة (صلاة المسلمين ) في الكنيسة النظيفة، رخص في ذلك الحسن، وعمر بن عبد العزيز، والشعبي، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وروي أيضاً عن عمر، وأبي موسى. انتهى.
أما إذا وجدت في الكنيسة منكرات ومعاص فإنه لا يجوز حينئذ دخولها، وليس هذا خاصا بالكنيسة بل أي مكان توجد به بدع ومنكرات فإنه يمنع الدخول إليه بلا حاجة معتبرة.
وبناء على ذلك فإنه لا يجوز لك حضور العرس في الكنيسة لأنه من المعلوم قطعا أنه لا يخلو من معاص ومنكرات، كالتبرج والاختلاط والمعازف، والغناء وغير ذلك، وتزداد الحرمة إذا تم قراءة شيء من كفرهم وتحريفم وباطلهم، لقوله تعالى وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً{النساء:140}.
لكن إن فرض خلو العرس من المنكرات – وهذا مستبعد جدا – فإنه يجوز حينئذ حضوره، بل يستحب إذا كان فيه دعوتهم للإسلام وتأليفهم للدخول فيه.
جاء في نهاية المحتاج في فقه الشافعية: فلا تجب إجابة ذمي، بل تسنّ إن رُجِيَ إسلامه أو كان نحو قريب أو جار، وسيأتي في الجزية حرمة الميل إليه بالقلب. اهـ
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51344، 8327، 37925، 37512.
والله أعلم.