الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحلف بالطلاق حكمه حكم الطلاق المعلق عند جمهور الفقهاء، والطلاق المعلق يقع عند وقوع ما علق عليه, فإن كان زوجك قد حلف بالطلاق, فلا يمكن التحلل من ذلك بشيء والطلاق يقع بوقوع العمل، لكن يقع بمجرد العمل إن كان قصده أن يمنعك مطلقاً.
وأما إن كان قصده أن يمنعك من العمل في زمن معين فإن الطلاق يقع عليك إن عملت في ذلك الزمن المحدد، فإن انتهى ذلك الزمن وعملت فلا يقع الطلاق، هذا كله على قول الجمهور وهو الذي نفتي به، وإذا وقع الطلاق فللزوج أن يراجع زوجته ما دامت في العدة إن كانت تلك هي الطلقة الأولى أو الثانية.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق،إذا كان الحالف يريد الزجر والمنع، وهو كاره للطلاق، فهي يمين فيها الكفارة.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى : وهو المنصوص عن أبي حنيفة، وهو قول طائفة من أصحاب الشافعي، كالقفال وأبي سعيد المتولي صاحب التتمة، وبه يفتي ويقضي في هذه الأزمنة المتأخرة طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وغيرهم من أهل السنة والشيعة في بلاد الجزيرة والعراق وخراسان والحجاز واليمن وغيرها، وهو قول داود وأصحابه، كابن حزم وغيره... وهو قول طائفة من السلف، كطاووس وغيره، وبه يفتي كثير من علماء المغرب في هذه الأزمنة المتأخرة من المالكية وغيرهم، وكان بعض شيوخ مصر يفتي بذلك، وقد دل على ذلك كلام الإمام أحمد المنصوص عنه، وأصول مذهبه في غير موضع. انتهى.
ولا شك أن الأحوط هو الأخذ بقول الجمهور، وإيقاع الطلاق عليك بمجرد ذهابك إلى العمل إذا كان الزوج لم يبلغ به الغضب مبلغا لا يعي فيه ما يقول.
وعلى رأي شيخ الإسلام فإنك إذا عملت فعلى زوجك كفارة يمين, وهي إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم أو تحرير رقبة.
قال تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ. {المائدة/89}
فإن كان زوجك لا يجد ذلك فعليه أن ينتقل للصيام -صيام ثلاثة أيام- ولا يلزمه قبول المال منك للإطعام لما فيه من تحمل المنّة التي ينأى الشرع بالمكلفين عنها، وإذا أعسر بالكفارة ثبتت في ذمته إلى اليسار، وإذا أخرجت الكفارة عنه بإذنه جاز ذلك.
ويمكنكما مراجعة المحاكم الشرعية في هذه المسألة.
و للفائدة تراجع الفتويين رقم: 1956، 19827.