الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم المقطوع به أن تأخر الزواج لا يكون دائما بسبب السحر، فليس هذا إلا مجرد احتمال طارئ على خلاف الأصل، فلا ينبغي اعتباره إلا بدليل. فكم من مسحورة تزوجت وأنجبت، وكم من سليمة لم تتزوج. وقد سبق بيان أنه ليس كل تأخر عن الزواج سببه السحر، في الفتوى رقم: 65969.
وكذلك جمال الصورة ليس هو العامل الوحيد في الزواج، وعدمه ليس هو العامل الوحيد في العنوسة، على أن الجمال مسألة نسبية، فقد يستحسن إنسان ما يستقبحه غيره، والعكس.
والزواج من جملة رزق الله الذي يمتن به على من يشاء من عباده، فهو سبحانه يرزق من يشاء بما شاء كيف شاء، كما قال تعالى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. {الشورى:10،11،12}.
فينبغي طلب عموم أنواع الرزق بالأسباب التي جعلها الله مجلبة لها، كالإلحاح في الدعاء وتحقيق تقوى الله عز وجل. قال تعالى: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.{العنكبوت: 17}
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
وعلى القائمين على القنوات الفضائية وغيرها من منابر الكلمة والتوجيه أن يتقوا الله في ما يقدمونه، فإن ذلك أمانة في الدنيا، ومسؤولية في الآخرة.
قال تعالى: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {الزلزلة:8،7،6}.
وقال تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ*قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ. {آل عمران:32،31،30}.
وعلى مستخدمي هذه القنوات أيضا أن يتخيروا من ذلك ما يتصف بالديانة والورع وبذل النصيحة للخلق بما يتفق مع الشرع ، من كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهدي أصحابه الكرام رضي الله عنهم.
والله أعلم.