الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد مر الحديث عن منع الرجل زوجته من زيارة أهلها مفصلا في الفتوى رقم: 110919.
وخلاصة الكلام: أنه لا يجوز له منعها من زيارة أهلها بدون سبب بل لمجرد التعسف والتعنت، قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: ولو كان أبوها زمِنا -أي مريضا- مثلا وهو يحتاج إلى خدمتها والزوج يمنعها من تعاهده، فعليها أن تعصيه مسلما كان الأب أو كافرا, كذا في فتح القدير, وقد استفيد مما ذكرناه أن لها الخروج إلى زيارة الأبوين والمحارم، فعلى الصحيح المُفتى به: تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبغير إذنه، ولزيارة المحارم في كل سنة مرة, بإذنه وبغير إذنه.
والذي يظهر من أقوال أصحاب المذاهب أنهم متفقون على عدم جواز منع المرأة من زيارة أهلها لها في بيتها إذا لم يكن هناك ضرر معتبر من هذا, وإنما الخلاف في ذهابها هي إليهم، والراجح من هذا الخلاف أن الرجل ليس له منع زوجته من زيارة أهلها – خصوصا والديها – إذا لم يكن هناك ضرر.
وبناء على ذلك فإن ما يفعله زوجك من منعك مطلقا من زيارة أبويك، ومنعهما من زيارتك هو من قبيل الظلم والعدوان على حقوقك إذ ليس له منعك من فريضة واجبة عليك وهي برك بوالديك، فإن أصر على موقفه فحينئذ يحق لك طلب الطلاق منه لأن منعك من أبويك مطلقا يلحق بك بالغ الضرر, قال خليل: ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره.انتهى.
وقد خالف الزوج أمر ربه له بمعاشرة زوجته بالمعروف فيما قام به من ضرب لها بلا سبب، وسب لها ولأهلها.
وقوله لها "تعيشين خادمة لي ولأهلي"، عدوان وبغي وظلم، ونوصي الزوجة بالصبر على ذلك كله واحتساب الأجر والثواب من الله، ولكن إن زاد الأمر عن حده ولم تطق الصبر عند ذلك، فيحق لها حينئذ طلب الطلاق ولو لم يتكرر هذا الأذى، وقد سبق قول خليل المالكي – رحمه الله - في ذلك: ولو لم تشهد البينة بتكرره.
وقال الدردير في الشرح الكبير: فقال: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها.
وختاما ننبه على أن الزوج إن كان قصده من هذا المنع أن يضارك أو يضيق عليك حتى تتنازلي له عن حقوقك ففعله هذا حرام،لقوله سبحانه: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء: 19}.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71357، 110919.
والله أعلم.