الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
أما أمر والدك لك بحلق اللحية وترك الصلاة في المسجد، بدافع الخوف عليك، فهذا وإن كنا لا نقره، إلا أنه قد يعذر فيه، وأما إساءة معاملته لك ولأمك فهو أمر مؤسف ، لكنه لا يستغرب ممن يسيء معاملة ربه ، فيستغيث بغير الله ويذبح لغير الله ، بل يأمر غيره بذلك، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من فعل ذلك ملعون، فعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من ذبح لغير الله. رواه مسلم.
ولكن مهما كان من سوء خلقه وظلمه لك أو لأمك، فإن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر وعدم جواز مقاطعته أو الإساءة إليه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:14،15}
ومن البر به أن تستمر في نصحه بالرفق ولا تكثر عليه الجدال ولا تغلظ له القول، وتجتهد في الدعاء له بالهداية، واعلم أن إحسانك إليه وطاعتك له في غير معصية، أبلغ في التأثير عليه من كثير من الوعظ والمجادلة.
وأما عن أمك فإن عليها أن تعاشره بالمعروف وتطيعه فيما لا يغضب الله، وتتلطف في نصحه وتحذيره من مسالك الضلال ومزالق الشرك، مع الاستعانة بالله والدعاء له بالهداية، فإن لم يتغير، واستمر على إيذائها، فإن لها أن تطلب الطلاق، بعد استشارة عقلاء أهلها، واستخارة ربها.
وأما عن حكم الصلاة خلفه وحكم ذبيحته، فإن الأصل صحة صلاة المبتدع وحل ذبيحته ما لم تخرجه بدعته من الإسلام، والحكم بالكفر يتوقف على تحقق شروط وانتفاء موانع وقيام حجة وإزالة شبهة، وعلى ذلك فإن تبين لوالدك الحق وأصر على هذه الأعمال الشركية، فإن الصلاة خلفه لا تصح، ولا تحل ذبيحته، ويجب التفريق بينه وبين زوجته، وفي هذه الحالة يمكنك تجنب الصلاة خلفه وتجنب أكل ذبيحته، دون أن تعلمه بذلك إذا كان يترتب على علمه مفسدة كبيرة.
وننصح السائل أن يتحصن بالإيمان الراسخ والعلم النافع، ويحرص على مخالطة المصلحين، الذين يحسنون الدعوة إلى الله، ويجيدون فن تأليف القلوب، لعل الله يجعله سبباً لهداية والده.
والله أعلم.