الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمذهب الحنفية عدم مشروعية قضاء الصلاة عن الميت، سواء تعمد تركها أم لا، وسواء قدر على القضاء أم لا.
أما بخصوص الصيام فإذا تمكن من القضاء قبل موته فإنه يُطعَم عنه مسكين عن كل يوم من ثلث ماله إذا أوصى بذلك؛ ففي المبسوط للسرخسي الحنفي:
مريض أفطر في شهر رمضان ثم مات قبل أن يبرأ فليس عليه شيء؛ لأن وقت أداء الصوم في حقه عدة من أيام أخر بالنص ولم يدركه؛ ولأن المرض لما كان عذرا في إسقاط أداء الصوم في وقته لدفع الحرج فلأن يكون عذرا في إسقاط القضاء أولى، وإن برئ وعاش شهرا فلم يقض الصوم حتى مات فعليه قضاؤه، لأنه أدرك عدة من أيام أخر، وتمكن من قضاء الصوم فصار القضاء دينا عليه. وفي حديث أبي مالك الأشجعي رحمه الله تعالى: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن كان مريضا في شهر رمضان ثم مات؟ فقال: عليه الصلاة والسلام: إن كان مات قبل أن يطيق الصوم فلا شيء عليه، وإن أطاق الصوم ولم يصم حتى مات فليقض عنه. يعني بالإطعام. ثم لا يجوز لوليه أن يصوم عنه. وحكى عن الشافعي رحمه الله تعالى قال: إن صح الحديث صام عنه وارثه. قال أبو حامد من أصحابهم: وقد صح الحديث، والمراد منه قوله صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه صيام صام عنه وليه. ( ولنا ) حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما موقوفا عليه ومرفوعا: لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد. ثم الصوم عبادة لا تجري النيابة في أدائها في حالة الحياة، فكذلك بعد الموت كالصلاة، وهذا؛ لأن المعنى في العبادة كونه شاقا على بدنه ولا يحصل ذلك بأداء نائبه، ولكن يطعم عنه لكل يوم مسكينا، لأنه وقع اليأس عن أداء الصوم في حقه فتقوم الفدية مقامه كما في حق الشيخ الفاني، وإنما يجب عليهم الإطعام من ثلثه إذا أوصى، ولا يلزمهم ذلك إذا لم يوص عندنا. وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى يلزمهم ذلك من جميع ماله أوصى أو لم يوص. انتهى.
وقد سبق في الفتوى رقم: 9656، عدم مشروعية قضاء الصلاة عن الميت وتارك الصلاة إن كان جاحدا لوجوبها فهو كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلا قد اختلف أهل العلم هل يكون كافرا بذلك أم لا؟ وراجع الفتوى رقم: 1145.
وبالنسبة للصيام إذا تمكن الميت من القضاء فرجح كثير من أهل العلم جواز الصيام عنه، وهناك من قال يتعين الإطعام عنه، وراجعي التفصيل فى الفتوى رقم:76640، والفتوى رقم: 20771.
وفي حالة الإطعام عن الميت لما تركه من الصيام ومات بعد التمكن من قضائه فإنه يطعم عن كل يوم مدا من الطعام ومقدار ذلك 750 غراما تقريبا من البر الجيد أو الرز، ويتعين إخراج الطعام ولا تجزئ قيمته عند جمهور أهل العلم. ومنهم من يرى جواز إخراج القيمة كالحنفية، ومنهم يرى الجواز إذا ترتبت على إخراج القيمة مصلحة للفقراء، وراجعي في ذلك الفتوى رقم :27270.
والله أعلم.