الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ (قل هو الله أحد)، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك. فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه. متفق عليه.
فعسى أن تكون بحبك لسورة (قل هو الله أحد) ملحقاً بهذا الصحابي إن شاء الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، فيجب عليك الوفاء بنذرك صلاة هاتين الركعتين بعد العشاء كما دل عليه هذا الحديث.
ويلزمك قراءة ما عينت من سور فيها لأنك نذرت طاعة موصوفة بصفة فيلزمك الوفاء بها على ما وصفت، قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: ولو نذر أن يصلي صلاة يقرأ فيها سورة معينة لزمه الصلاة وقراءة السورة. انتهى.
وقال العلامة ابن مفلح رحمه الله تعالى في الفروع: وإن نذر أن يصلي صلاة ويقرأ فيها سورة بعينها لزمه الجمع. انتهى.
وأما نذرك أن تقرأ في الركعة الثانية من كل صلاة بالفاتحة والإخلاص فمحل نظر هل يلزم الوفاء به لأنه طاعة أم لا يلزم لأنه تغيير لما وضعه الشرع، صحح النووي رحمه الله الأول وحكى الثاني وجهاً في مذهب الشافعية، فقال في شرح المهذب: فلو أفردت الصفة بالنذر وكان الأصل واجباً شرعاً كتطويل القراءة والركوع والسجود في الفرائض أو أن يقرأ في الصبح مثل سورة كذا وجهان أصحهما لزومها لأنها طاعة. والثاني: لا، لئلا تغير مما وضعها الشرع عليه. انتهى.
والذي نميل إليه هو الوجه الثاني وهو أنه لا يلزمك الوفاء بالنذر في هذه الصورة لما فيه من تغيير للسنة في هذه الصلوات وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.