الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أوصى الإسلام بالأم وأمر بإكرامها وبرها وإحسان صحبتها، جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
والظاهر أن هذه المرأة الكبيرة وصلت سن الهرم، والضعف البدني، وهي المرحلة التي يتأكد فيها الإحسان إلى من بلغها من الوالدين، فهي مرحلة احتياجهما وضعفهما عن القيام بأنفسهما، يقول الله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}
فعلى أبيك أن يبالغ في الإحسان إلى أمه وبرها لا سيما وقد بلغت من الكبر عتيا، وصارت لا تقدر من الدنيا على شيء، ولعله بصبره عليها وهي في هذه الظروف من التعب والمرض يبلغه ربه الدرجات العلى من الجنة ويكفر عنه ذنوبه وآثامه.
وأما بالنسبة لما ذكرت من ظروف مرضها وعدم قدرتها على التحكم في الغائط فلا بأس حينئذ من أن تسكنوها في سكن مستقل، وتستأجروا لها من النساء من يقوم بخدمتها، على أن تداوموا مع ذلك على زيارتها ورعايتها والسؤال عنها، لأنه لا يجب شرعا على أمك ولا على زوجة ابن عمك خدمتها، بل إن قمن بالخدمة فهذا من مكارم الأخلاق التي ندب الشرع إليها.
وأما بخصوص هذه الشلحة التي أخذتها فإنه لا يجوز ذلك إلا بعد استئذان جدتك إذا كانت لا تزال تعي وتعقل، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 9911، 29795.
والله أعلم.