الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا جواب مجمل على ما أوردته من مشكلات على نسبة ابن الزنى إلى أمه وعدم نسبته إلى من يزعم كونه أباه.
فأما زواجه بأخته من أبيه فغير وارد لأنه لا أب له ولا يمكن الجزم شرعا بكونه أباه، ولذلك فإن الصلة بينه وبين أولاد أبيه من الزنى معدومة شرعا، مع أنه ينبغي الاحتياط في ذلك وعدم نكاحه لها كما لو أشيع الرضاع بما لا يثبت به.
وأما التشهير بنسبة الولد إلى أمه فسببها جناية الأم والزاني فهما من يتحملان وزر ما يلحق ذلك المولود، ولا يمكن نسبته إلى أبيه من الزنى لعدم الجزم بأبوته له، ولأن الزنى ليس طريقا صحيحا للحوق الولد بأبيه فإلحاقه به ظلم لأهله وأقربائه وإدخال شخص غريب عليهم.
ويمكن نسبة ابن الزنى إلى عبد الله أو عبد الرحمن ونحو ذلك من الأسماء التي ليس فيها تعيين، فيقال مثلا محمد بن عبد الله أو خالد بن عبد الرحمن ونحوه، وبهذا يزول عنه ما قد يعاجله من حرج في المجتمع.
واحتمال وقوعه في الرذيلة كاحتمال وقوع غيره، وقد يكون خطأ أمه عبرة له ليصحح حياته وينأى عن الخطيئة والرذيلة، وإن اختار ذلك المسار السيئ وسبيل الغواية كما اختارها أبواه فوزر ذلك عليه كأي إنسان مكلف، كما أن حقده على أمه والجزم به بسبب خطئها غير صحيح إذا هي ربته وأحسنت إليه، فإن حقد عليها بعد ذلك فوزره عليه.
وأما عدم تعامل الناس معه فلا ينبغي نبذه بسبب خطأ أمه كما لا ينبغي التشهير به، وإنما يسمى بابن عبد الله ونحوه كما بينا.
وبناء عليه؛ فلا حرج في الأخذ بقول الجمهور الذين منعوا نسبة ابن الزنى إلى من يدعي كونه أباه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وإن كان من أمة لم يملكها أو حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث. رواه أحمد. ولأن نسبة ابن الزنى إلى من يزعم كونه أباه فيه دعوة إلى هذه الجريمة وتيسير على مرتكبها بستره.
ولذلك فإن جملة ما ذكرت من المفاسد يدل على بشاعة جريمة الزنى واستحقاق مرتكبها لما شرعه الله عز وجل من عقوبة ليرتدع المجتمع عنها، فلا يوجد أبناء زنى.
هذا مع التنبيه إلى أنه لو أخذ حاكم أو عالم برأي من يرى جواز إلحاق ابن الزنى بمن يدعيه وهو قول عروة وسليمان بن يسار وإسحاق ابن راهويه وأبي حنيفة رحمهم الله، فلا حرج.
والله أعلم.