الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
واستدلا لذلك بأقضية للرّسول صلى الله عليه وسلم كإباحته سلب من يصطاد في حرم المدينة لمن يجده، وتضعيفه الغرامة على من سرق من غير حرز، كسارق ما لا قطع فيه من الثّمر والكثر، وهذا المال المأخوذ في هذه الحالة هو عبارة عن تعزير وليس ربا. والذي عليه جمهور العلماء المنع من التعزير بالمال، بل نقل الصاوي في حاشيته الإجماع على المنع منه كما هو مبين في الفتوى رقم: 34484.
فعلى القول بالمنع من التعزير بالمال وهو قول الجمهور لا يجوز لكم أن تتقاضوا تلك المنحة التكميلية من ذلك المال المأخوذ عن طريق التعزير، وعلى القول بالجواز فلا حرج فيه، لكن الورع يقتضي تجنب أخذها لقوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ. رواه البخاري ومسلم.
وأما الأموال المجموعة من طرق محرمة وأخرى مباحة، إذا كان غالبها المباح فإنه يجوز للعامل أن يأخذ مرتبه منها، وإذا منحته الدولة منها منحة فله أخذها. فما زال أهل العلم والصلاح يأخذون الأموال هدايا وأعطيات من أمراء الجور الذين يأخذون الأموال من حلها ومن غير حلها، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدايا من الكفار، ومن المعلوم أنهم لا يتحرون قطعا الحلال.
وللمزيد راجع الفتويين: 5811، 41720.
والله أعلم.