الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لأبيك أن يمنعك من الزواج بمن تريد، وليس له أن يجبرك على الزواج بمن لا تحب، لأن أمر الزواج خطير فهو يتعلق بأسرة ناشئة يترتب عليها حقوق كثيرة، فلا بد وأن يحاط هذا العقد بما يضمن نجاحه واستمراره، ومن أهم أسباب ذلك أن يتزوج الرجل بمن يريد والفتاة بمن تريد طالما وجد الدين والخلق في الطرفين، قال سبحانه: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء {النساء:3}، ولم يقل فانكحوا ما طاب لآبائكم ولا لأمهاتكم، قال السعدي رحمه الله عند تفسير هذه الآية: وفي هذه الآية أنه ينبغي للإنسان أن يختار قبل النكاح، بل وقد أباح له الشارع النظر إلى من يريد تزوجها ليكون على بصيرة من أمره.
ولكن مع ذلك عليك أن تسترضي أباك بكل طريق، وأن تبتعد عما يغضبه ما وجدت إلى ذلك سبيلاً، فإن كان يريد لك الزواج من فتاة بعينها فلا مانع من أن تذهب لرؤيتها، فإن طابت لك فالأولى أن تتزوجها طاعة لأبيك، أما إن كان قد تعلق قلبك بهذه الفتاة التي ذكرت، وخفت إن أنت انصرفت عنها أن تضار في دينك أو دنياك فلا مانع حينئذ من الزواج منها دون موافقة الوالد، لأن موقف والدك -غفر الله له- غير صحيح ولكن عليك بعد ذلك أن تسترضيه وأن تتودد إليه حتى يزول ما في قلبه تجاهك، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 35962.
والله أعلم.