الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأت أيتها السائلة بطلب الطلاق من زوجك -إن لم يكن لديك عذر معتبر- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني.
كما أنك أخطأت بسماعك لكلام الناس وتدخلاتهم حتى أفسدوا عليك أمر زواجك، فعليك أن تتوبي إلى ربك من هذا وأن تستغفري لذنبك.. وأما بخصوص من طلق امرأته قبل الدخول بها فقد بانت منه بينونة صغرى لا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد، وليس لها عدة من هذا الطلاق، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا {الأحزاب:49}
وأما بالنسبة لدعائك أن يرد الله عليك هذا الرجل ليتزوج منك فهذا لا حرج فيه، وإن كان الأولى أن تتناسيه لا سيما وأنه قد ارتبط بخطبة جديدة كما ذكرت، وأقبل على حياة جديدة. فمن الكياسة والحزم أن تتناسي هذه المرحلة وأن تقبلي على ما ينفعك في دينك ودنياك، ولعل هذا هو الخير لك فلا تهتمي به ولا تلقي له بالاً فكل شيء بقضاء وقدر والكل في أم الكتاب مستطر، وما شاء الله كان وما لم يشأن لم يكن، والله سبحانه هو العليم ببواطن الأمور وحقائقها فرب شيء بدا للإنسان في ظاهره أنه خير وهو في الحقيقة شر له، قال سبحانه: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، وقال سبحانه: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وعسى أن يكون هذا اختبار من الله سبحانه لك ليرى صبرك ورضاك عنه وعن أقداره، واعلمي أن الله سبحانه هو العليم الحكيم، فأفعاله كلها علم وحكمة، وأقواله كلها حق وصدق، وأقداره كلها عدل ورحمة، قال سبحانه: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {الأنعام:115}، وعلى أنا نوصيك دائماً بتقوى الله والعمل الصالح فما استجلب العبد خير الدين والدنيا بمثلهما، ولا استدفع مصائب الدين والدنيا بمثلهما، قال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، وقال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، ونحذرك من المعاصي فهي دائما سبب الخيبة وضياع الآمال، نسأل الله أن يوفقك لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.