الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزواج زوجك بهذه النصرانية باطل من أساسه؛ لأن الله تعالى لما أباح للمسلم الزواج من الكتابية اشترط أن تكون محصنة، أي عفيفة، فقال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ {المائدة:5} . والمراد بالمحصنات هنا: العفيفات، يقول الشعبي: إحصان الذمية ألا تزني، وأن تغتسل من الجنابة. انتهى من تفسير ابن عطية.
وبلغ عمر أن حذيفة تزوج يهودية فكتب إليه عمر: خلّ سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأُخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهنَّ. انتهى من تفسير الطبري.
ولأن نكاح الزانية المسلمة لا يجوز فمن باب أولى غير المسلمة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فأما تحريم الزانية، فقد تكلم عنه الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم، وفيه آثار عن السلف، وإن كان الفقهاء قد تنازعوا فيه، وليس مع من أباحه ما يعتمد عليه. انتهى. وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه: وأما نكاح الزانية فقد صرح الله بتحريمه في سورة النور، وأخبر أن من ينكحها إما زان أو مشرك، فإنه إما أن يلتزم حكمه سبحانه ويعتقد وجوبه عليه أو لا، فإن لم يلتزمه ولم يعتقده فهو مشرك، وإن التزمه واعتقد وجوبه وخالفه فهو زان، ثم صرح بتحريمه، فقال تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. {النور:3} انتهى.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: ونقل عن الإمام أحمد أنه ذهب إلى أنه لا يصح عقد النكاح من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزوج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة، لقوله تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. {النور:3} .انتهى.
وعلى هذا فهذا الزواج باطل من أساسه، ويجب على زوجك فسخه والتوبة إلى الله سبحانه منه، والذي ننصحك به أن تتعاملي مع هذا الزوج بحكمة، وأن تبيني له خطورة ما أقدم عليه لعل الله أن يهديه، ولا مانع أن تطلبي من بعض العقلاء وصالحي أسرتك أو أسرته أن ينصحوه. نسأل الله لنا وله الهداية. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 323.
والله أعلم.