الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في المسلم السلامة من الزنا وغيره من الآثام، ولا يجوز الحكم على المسلم بخلاف ذلك بمجرد الظن والشك، كما أن المطلوب من المسلم إذا رأى مسلما في موضع ريبة أو تهمة، أولا أن يحسن به الظن ويلتمس له العذر، ثانيا أن يستر عليه ويكتم سره، ولا يجوز التشهير بالمسلم مطلقا، إلا من اشتهر بالفسق وكان مجاهرا به، فلا بأس بذلك لغرض التحذير.
وعليه فلا يجوز للرجل المذكور أن يشهر بزوجته مطلقا، كما لا يجوز له أن يجبرها على التنازل عن حقوقها مقابل عدم التشهير بها، فحقوقها لا تسقط إلا بتنازلها عنها عن طيب نفس، أما بغير ذلك، فيكون قد أكل مالها بغير حق، والله عز وجل يقول وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ {البقرة:188} ويقول: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {النساء:20}.
هذا هو الأصل، ولكن إذا ثبت أن هذه الزوجة على علاقة محرمة مع الرجل الذي رأته حماتها في بيتها جاز له أن يضيق عليها حتى تفتدي منه بخلع كما دل عليه قوله تعالى: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء: 19} وإلى هذا ذهب ابن جرير الطبري وابن كثير وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن قدامة وغيرهم.
والله أعلم.