الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن خروج المرأة إلى الشارع بالمكياج والبنطلون هو من التبرج المحرم الذي نهى الله عنه بقوله: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى {الأحزاب:33}.
بل قد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن المتبرجات من أهل النار فقال فيما رواه مسلم وغيره: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، و نساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها، و إن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا. وقد سبق الكلام بالتفصيل عن حكم المكياج ولبس البنطلون للمرأة في الفتاوى رقم: 20766, 4052, 5521.
وأما بالنسبة لخالتك فهي من أرحامك الذين يجب عليك صلتهم، ولا يجوز لك أن تهجرها لأنك بهذا تكون قاطعا لرحمك, قال سبحانه: وَاتقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1}.
قال النووي في شرحه على مسلم نقلا عن القاضي عياض: واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال، وقيل هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره. اهـ
فسارع إلى صلة خالتك, خصوصا مع ما ذكرت من أنها تمنع ابنتها من التبرج, مما يفهم منه أنها لا توافق ابنتها على ذلك، وإن كان عندها بعض التقصير ولا شك, فعليك باستدامة النصح لخالتك طالما أنها تستجيب لك, واعلم أن الإنسان خصوصا في هذه الأزمان كثيرا ما تستولي عليه الغفلة والنسيان ويحتاج إلى من يداوم على نصحه وتذكيره بأوامر الله وأحكامه.
والذي نراه بناء على كلامك أن أصل الخير موجود في هذه الأسرة بدليل ما ذكرت أن إخوة هذه الفتاة يأمرونها دائما بالحجاب وأنها كثيرا ما تستجيب لهم، ولكن ما تلبث أن ترجع مرة أخرى, فإن غلب على ظنك أن هذه الفتاة مطيعة وأنه يسهل انقيادها لأمر الله سبحانه إذا وجدت من يعينها على ذلك فلا بأس حينئذ بالزواج منها، ولكن إن عارضت أمك هذا الزواج ولم تستطع إقناعها به فعليك بالانصراف عن هذه الفتاة لأن طاعة الأم مقدمة على الزواج بامرأة معينة.
وننصحك عموما بالاستخارة في أمورك كلها، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17092، 106360، 6563.
والله أعلم.