الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإشكالات التي ذكرها الأخ السائل هي إشكالات يعاني منها كثير من المسلمين إن لم يكن أكثرهم في كل عام عند تحديد دخول رمضان والعيد والحج لاسيما من كان منهم يعيش في بلد غير إسلامي، ولو أن المسلمين عملوا بما جاءت به الشريعة في هذا الباب لزال كثير من تلك الإشكالات ولضاقت دائرة الخلاف، وذلك أن الشريعة علقت إثبات دخول الشهر على رؤية الهلال أو إتمام عدة شعبان ثلاثين يوما عند عدم رؤيته ولا يخلو الحال عندكم من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون المسلمون في تلك البلد يتحرون رؤية الهلال بالعين، وهنا لا يخلو الأمر من حالتين:
الأولى: أن تثبت رؤية الهلال بخبر العدل فيجب عليكم حينئذ الصوم ولا تلتفتوا بعد ثبوت رؤية الهلال عندكم إلى بلد آخر غير بلدكم.
الثانية: أن لا يرى الهلال عندكم سواء كان الجو صافيا أو غائما فتتمون عدة شعبان ثلاثين يوما ثم إذا رئي الهلال في دولة أخرى فالمرجح والمفتى به في موقعنا في هذه الحال أنكم تتمون شعبان ثلاثين ولا تصوموا على رؤية غير بلدكم ما دامت تختلف معها في المطلع.
الأمر الثاني: أن يكون المسلمون يعتمدون على الحساب الفلكي ولا يتحرون رؤية الهلال فهنا يلزمكم أنتم أن تتحروا الهلال فإن لم يمكنكم تحريه فلكم أن تصوموا على أقرب بلد لكم يتحرى الهلال، وانظر الفتوى رقم: 12470.
وأما الآراء التي ذكرها السائل:
فالرأي الأول وهو الصوم مع أهل مدينتكم على كل حال- فهذا بإطلاقه- ولو كانت لا تتحرى الهلال وتعتمد على الفلك مخالف لما جاءت به الشريعة وذكرناه سابقا من رؤية الهلال أو إتمام عدة شعبان.
وأما الرأي الثاني وهو الصوم على أقرب بلد وهي باكستان فهذا كما ذكرنا جائز فيما إذا لم توجد لجنة عندكم تتحرى الهلال ولم يمكنكم أنتم تحريه وكانت باكستان تتحرى الهلال، فإن اختل شرط من هذه الشروط الثلاث فلا تصوموا بناء على قولهم.
وأما الرأي الثالث وهو الصوم مع السعودية فهذا جائز إذاتعذر عندكم تحري الهلال ولم توجد لجنة تتحرى الهلال ولا بلد مجاور يتحراه فعندئذ صوموا مع السعودية أو غيرها ممن لا يعتمد على الحساب وثبت عنده رؤية الهلال مراعاة لقول من قال إذا رآه أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم، والعمل بهذا خير من البلبلة التي تعيشونها.
وأما الرأي الأخير وهو أن يصوم كل واحد مع بلده الأصلي فهذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان وتزيد الأمر تعقيدا والمسلمين خلافا وفرقة، وراجع الفتوى رقم: 29107، والفتوى رقم: 6636.