خلاصة الفتوى:
يمين العهد تنتهي بالحنث فيها والكفارة عنها، وكذلك النذر إذا لم يكن القصد منه العموم والتكرار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الغيبة من أكبر الذنوب وأقبحها... وقد حذر الله عز وجل منها في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات:12}، ومن عاهد الله تعالى على تركها يكون الأمر أشد في حقه ويجب عليه الوفاء بعهده، فإن عاد إليها فقد نقض ما عاهد الله عليه، والواجب عليه حينئذ المبادرة إلى التوبة وكفارة يمين لأن عهد الله على شيء بمنزلة اليمين عليه، وكفارته كفارة يمين كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 7375.
والمرات المتعددة التي حنثت فيها ولم تكفري عنها تلزمك فيها كفارة واحدة لأن اليمين تنحل بحصول الحنث ما لم تكوني قد نويت تكرار الكفارة بتكرر الحنث، وأما التزام التصدق بدرهمين عند حصول الغيبة، فالظاهر أنه نذر لأن النذر كما عرفه أهل العلم هو التزام المسلم المكلف قربة لله عز وجل غير واجبة عليه أصلاً، وهو هنا نذر لجاج يقصد منه الامتناع من الوقوع في الغيبة، وأكثر أهل العلم يقولون: إذا قال الرجل إن فعلت كذا فعلي أن أتصدق بكذا أو أصوم شهراً أو أحج أو ما شابه ذلك، يقولون: إن هذا هو نذر اللجاج فإذا حنث -أي فعل ذلك الأمر- فعليه كفارة يمين واستدلوا لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. رواه مسلم. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 13381.
وعلى ذلك فإن سؤالك -حسبما فهمنا- مشتمل على يمين وهو عهد الله، وعلى نذر لجاج وهو التزامك بالتصدق بدرهمين عند ما تحصل منك الغيبة، وتنحل اليمين بمجرد الحنث وتلزم فيها الكفارة.. وأما النذر فإذا كان قصدك به التكرار وأنك كلما حصلت منك غيبة لزمك كذا... فإنه لا يمكن التخلص منه، فكلما اغتبت شخصاَ لزمتك كفارة يمين -على الراجح- أو التصدق بما ذكر إلا إذا عجزت عجزاً لا يرجى زواله فإن عليك عند العجز الدائم كفارة يمين، كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 28918.
وإن لم تقصدي التكرار وإنما كان قصدك أنك إذا اغتبت شخصاً تصدقت... فهنا تلزمك الكفارة أو الصدقة في المرة الأولى فقط، وأما ما بعدها فتجب فيه التوبة بشروطها.
والله أعلم.