الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعوضكما خيرا مما فقدتما وأن يؤجركما في مصيبتكما إنه ولي ذلك ذلك والقادر عليه، واعلم أن الاتفاق الحاصل بينكما وبين الرجل على أن تدفعا له مبلغ خمسين ألف ريال على أن يتحمل عنكما الخسارة المذكورة هو من باب قرض جر نفعا للمقرض، وكل قرض جر نفعا للمقرض فهو ربا حرام بإجماع، وقد حكى الإجماع على حرمته غير واحد من العلماء.
قال ابن المنذر في كتابه الإجماع: وأجمعوا على أن المسلف إذا شرط عشر السلف هدية أو زيادة فأسلفه على ذلك أن أخذه الزيادة ربا.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: القرض بالفائدة محرم لأنه ربا، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: كل قرض جر نفعا فهو ربا، وأجمع العلماء على معناه.
وبناء على هذا فما أقدمتم عليه فهو من الربا المحرم، فتجب عليكم جميعا التوبة منه أنتما والمدين؛ إلا إن كان مضطرا إليه فإنه يجوز له بحكم الضرورة، فقد قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} وأما الدائن فلا يجوز له بكل حال، وتقتضي توبتكما أن لا تأخذا منه إلا ما اقترض دون زيادة، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ.{البقرة:278، 279}.
والنصيحة أن تعتبرا بما جرى لكما، حيث إن المعاملة لما اشتملت على بعض المحرمات كالاقتراض الربوي كان من نتائجها الخسارة التي تعانيان منها، فقد قال تعالى: يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ.{البقرة: 276}.
والله أعلم.