الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأعلم أولاً أنه ليس من شأن المسلم إساءة الظن بإخوانه واتهام النوايا في ذلك، وخاصة إذا صدر هذا الأمر تجاه هذا الموقع المبارك الذي يقوم على منهج الوسطية والاعتدال في تناول الأمور وفقاً لضوابط الكتاب والسنة، وعلى كل فلا يليق بالمسلم اطلاق الاتهام هكذا جزافاً، وكان الأحرى توجيه السؤال وذكر الاستشكال بغير هذا الأسلوب.. فنرجو الانتباه.
وإذا كنت تلتمس العذر للعلماء الذين ذكرت أسماءهم في مسألة تلبس الجني بالإنسي، فلماذا لا تلتمس العذر لنا فيما ذكرت من فتاوى ترى أننا قد جافينا فيها الصواب، ونحن بدورنا نلتمس العذر لهؤلاء العلماء فيما ذهبوا إليه، ونحن لم نقل إن من ينكر تلبس الجني بالإنسي منكر للكتاب والسنة، ولم نقل إن هذا الأمر ثابت بنصوص قطعية الدلالة، بل قلنا إن في هذا رداً لما جاء في الكتاب والسنة، لأننا نرى أن دلالة النصوص على هذا الأمر دلالة ظاهرة، ومع هذا فمن أداه اجتهاده من العلماء إلى خلاف ذلك فهو معذور ومأجور على اجتهاده بإذن الله.
وأما مسألة التصوير الفوتغرافي فهي أولاً مسألة حادثة لم تكن في العهد الأول، وهي من مسائل الاجتهاد التي يفتي كل واحد فيها بما أداه إليه اجتهاده، فإذا اطلعت منا على فتوى بالإباحة أو بالتحريم فاعلم أن ذلك حسب ما يرى من أفتى بها أن هذا هو الأقرب للصواب في نظره لا اتباعاً لمجرد رأي عالم معين، ولا ندري من أين لك الجزم بأن القول بالإباحة هو رأي الأغلبية.. نعم من الممكن أن يقول المرء إنه قد ذهب إلى القول بالإباحة كثير من العلماء المعاصرين، وكذا القول بالتحريم، ثم من الذي قال إن الراجح يكون في رأي الأغلبية دائماً، فقد يكون الراجح خلاف ما ذهبوا إليه، فالراجح هو ما كان أقرب إلى دلالة الكتاب والسنة وإن قال به واحد فقط من العلماء.
والله أعلم.