الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن مات وهو لا يصلي، إما أن يكون تركه للصلاة جحودًا وإنكارًا لوجوبها، وإما أن يكون تهاونًا وتكاسلًا، مع اعتقاده وإقراره بفرضيتها.
وقد اتفق الفقهاء على كفر تارك الصلاة جحودًا لها، وأنه مرتد.
واختلفوا فيمن أقرَّ بوجوبها، ثم تركها تكاسلًا، فذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- إلى أنه لا يكفر، وأنه يحبس؛ حتى يصلي.
وذهب الإمامان مالك، والشافعي -رحمهما الله- إلى أنه لا يكفر، ولكن يقتل حدًّا ما لم يصلّ.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- أنه يكفر، ويقتل ردة.
ومع ذلك؛ فلا نعلم أحدًا من العلماء قال بقضاء الصلاة عن تارك الصلاة؛ لأن الأصل أن لا يصلي أحد عن أحد، قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {النجم:39}: وأجمعوا أنه لا يصلي أحد عن أحد.
لكن من قال بعدم تكفيره، جوّز الدعاء له، والصدقة عنه…إلخ.
أما القائلون بتكفيره، فلم يجوّزوا الدعاء له، والصدقة عنه؛ لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113]، وللأحاديث المثبتة كفر تارك الصلاة.
والله أعلم.