الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشكر الله سبحانه الذي من عليك بالتوبة وأنقذك من براثن الشيطان وشباكه، ونسأل الله أن يثبت أقدامك على طريق التوبة والإنابة، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحات فإنها مكفرات لما يقترفه الإنسان من السوء.
ثم اعلم أخي أن زواجك من هذه الكتابية باطل لأن الله تعالى لما أباح للمسلم الزواج من الكتابية اشترط أن تكون محصنة، أي عفيفة، فقال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ {المائدة:5}.
وقد ذكرت أن هذه المرأة المذكورة تمارس البغاء فعلى هذا يحرم الزواج بها ويقع العقد باطلا من أساسه.
وأما بالنسبة للولد فليس ابنا لك لأنه ولد زنا، ومن المعلوم أن ماء الزنا هدر لا حرمة له، فلا يثبت أحكام الزواج الصحيح من نسب وميراث وغير ذلك، وهذا هو رأي الجمهور لما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في استلحاق ولد الزنا أنه لا يلحق الولد فقال: إن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث؛ وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه، فهو ولد زنية من حرة كان أو أمة. والحديث حسنه الألباني، وهو صريح في أن ولد الحرة المزني بها لا ينسب إلى الزاني ولا يرثه وإن ادعاه الزاني. قال ابن عبد البر في كتاب الاستذكار: ... أن العاهر (أي الزاني) لا يلحق به في الإسلام ولد يدعيه من الزنا وأن الولد للفراش على كل حال، والفراش النكاح أو ملك اليمين لا غير، فإن لم يكن فراش وادعى أحد ولدا من الزنا فكان عمر يليط أولاد الجاهلية بمن استلاطهم ويلحقهم بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش لأن أكثر أهل الجاهلية كانوا كذلك، وأما اليوم في الإسلام بعد أن أحكم الله شريعته وأكمل دينه فلا يلحق ولد من زنا بمدعيه أبدا عند أحد من العلماء كان هناك فراش أم لا. انتهى.
وعلى هذا فهذا الولد ليس ابنا لك ولا تلزمك نفقته خصوصا وأنت تشك شكا قويا أنه من مائك، فقد نص بعض الفقهاء على أن الاستلحاق إنما يكون في مجهول النسب، أما المقطوع بكونه من الزنا فلا ينفع معه الاستلحاق.
وقال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل: إنما يستلحق الأب مجهول النسب. قال: ولو كذبته أمه لتشوف الشارع للحوق النسب لا مقطوعه كولد الزنا المعلوم أنه من الزنا. انتهى. أي لا مقطوع النسب فلا يصح استلحاقه.
والله أعلم.