الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك التجسس على زوجك ولا تتبع عوراته, لأن هذا الفعل محرم, قال تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا {الحجرات: 12}. وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه البخاري ومسلم: ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا.
وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواه الترمذي وقال الألباني: حسن صحيح. وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فعليك أن تبادري بالتوبة إلى الله – جل وعلا – من هذا الذنب وأن تعزمي على عدم العود إليه مرة أخرى. ونحن نوصيك بزوجك خيرا ونذكرك بحقوقه عليك, فإن له من الحقوق ما ليس لغيره, وقد أمرك الله سبحانه بطاعته في غير معصية، أخرج الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. قال الألباني: حديث حسن صحيح.
ولا شك أن زوجك قد أساء في أكثر من موقف, فقد أساء عندما وسع علاقاته مع نساء أجنبيات, وأساء عندما رد نصيحتك ولم يقبلها, وأساء حينما اتهمك بالنفاق فهذا غير جائز. لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سباب المسلم فسوق.
ولكن كان عليك أن تغفري له إساءاته في حقك ولا تعاقبيه بحرمانه من السيارة ونحو ذلك, نعم طالما أن السيارة ملك لك فأنت صاحبة الحق فيها إن شئت بذلتيها أو منعتيها, ولكن المعاشرة بالمعروف تقتضي ألا تفعلي ذلك.
وأما بالنسبة لأمر العقم وعدم الإنجاب منه, فإنه مسوغ لطلب الطلاق منه؛ لأن نعمة الولد من النعم الكبرى، وفقدانها أذى يجيز لك طلب الطلاق، وما ورد من أحاديث فيها النهي عن طلب المرأة طلاقها من زوجها محمولة على ما لم تكن تتأذى من البقاء في عصمة الزوج أو تتضرر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وأبو داود, وصححه الألباني.
فدل ذلك بالمفهوم المخالف أنها لو سألت الطلاق لأذى أصابها أو لضر وقع بها فلا تدخل تحت الوعيد المذكور.
وإن ما ننصحك به هو أن تتمهلي وتنصحي زوجك باللين فيما تريدين, فإن رجع عما هو فيه وأصلح وكف عن إيذائك, فإنا ننصحك بالبقاء معه وكثر ة الذكر والدعاء واللجوء إلى الله أن يرزقكما الولد الصالح, وأما إن استمر على ما هو عليه فيحق لك حينئذ طلب الطلاق . وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 28106.
والله أعلم.