الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وقع أبوك في جملة من الكبائر والمنكرات منها وأعظمها شرب الخمر وعلاقاته بالنساء الأجنبيات، وحرمة هذين الفعلين أظهر وأوضح من أن يستدل عليها فهي من المعلوم من الدين بالضرورة ولا يسع المسلم جهلها بحال.
ومنها التفريق بين الأولاد وهذ الفعل حرام،لأن الشريعة أوجبت على الآباء التسوية بين الأبناء في الهبات والرعاية والتربية، لأن ذلك أدعى إلى بر الأبناء بآبائهم، وأرفع للشحناء والبغضاء بينهم، جاء في حديث النعمان بن بشير قال: تصدق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي: عمرة لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وفي لفظ لمسلم: ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن.
وفي قوله: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ تعليل واضح من النبي صلى الله عليه وسلم لوجوب العدل والمساواة بين الأولاد.
وعليه، فإن ما يقوم به هذا الأب من التمييز بين أبنائه حرام ومنهي عنه شرعاً، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى منه.
وأما اتهامه لأمك بعمل السحر له فحرام أيضا ؛ لأنه لا يجوز اتهام الآخرين بعمل السحر إلا بإقرار منهم أو ببينة تشهد بذلك، أما اتهامهم بمجرد الظن فلا يجوز، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، ويعظم الإثم إذا تسبب ذلك الاتهام في قطع العلاقات العائلية وقطيعة الرحم.
ومنها مصاحبة الفجار وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، روى أبو داود وأحمد وغيرهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي. حسنه الألباني.
والواجب عليك – أيها السائل - تجاه أبيك أن تذكره بالله وعظيم بطشه وأليم عقابه، وأن تحبب إليه التوبة, ولا ما نع من أن تستعين على ذلك ببعض أهل الخير والعلم في بلدتكم كإمام المسجد وغيره، بحيث يحاولون إصلاحه وكفه عن أفعاله، واحرص في ذلك كله على أن يكون كلامك معه باللطف واللين والرحمة، وأن يرى منك تجاهه كمال الشفقة والرأفة والبر به، فهذا إن شاء الله أدعى لاستجابته.
ونذكرك أنه مهما بدر من أبيك من ظلم في حقك أو حق إخوتك أو أمك أو حتى ظلم لنفسه بالمعاصي والذنوب فإنه لا يحل لك هجره أو مقاطعته بل له عليك المصاحبة بالمعروف ما دام حيا.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38470، 19505، 6242.
والله أعلم.