الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان تقطيع المصحف صدر عنك من غير قصد ازدراء ولا استخفاف فقد أقدمت على معصية شنيعة، وكفارة ذلك بالمبادرة إلى التوبة الصادقة من البعد عن مثل هذا الفعل والندم عليه والعزم على عدم الرجوع إليه مطلقا، وإن قصدت ازدراء المصحف والاستخفاف به فهذا ردة عن الإسلام والعياذ بالله تعالى.
وإليك بعض كلام أهل العلم في المسألة، ففي أسني المطالب ممزوجا بروض الطالب الشافعي متحدثا عن الردة: وهي قطع الإسلام إما بتعمد فعل, ولو بقلبه استهزاء أو جحودا كسجود لصنم, وإلقاء مصحف أو نحوه ككتب الحديث في قذر استخفافا أي على وجه يدل على الاستخفاف بهما. انتهى.
وفى الفتاوى الهندية على الفقه الحنفي: رجل وضع رجله على المصحف إن كان على وجه الاستخفاف يكفر وإلا فلا, كذا في الغرائب. انتهى.
وفى حاشية العدوى على شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: قوله: كإلقاء مصحف ومما يرتد به وضعه بالأرض مع قصد الاستخفاف, انتهى.
وفى الموسوعة الفقهية : اتفق الفقهاء على أنه من استخف بالقرآن, أو بالمصحف, أو بشيء منه, أو جحد حرفا منه, أو كذب بشيء مما صرح به من حكم أو خبر, أو شك في شيء من ذلك, أو حاول إهانته بفعل معين, مثل إلقائه في القاذورات كفر بهذا الفعل. انتهى.
وتوبة المرتد مقبولة إذا نطق بالشهادتين وعاد إلى ملة الإسلام. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 94873 والفتوى رقم: 72201.
وإن كان تقطيع المصحف قد صدر منك أثناء الغضب الشديد بحيث لا تعي ما تفعل فلا إثم عليك لارتفاع التكليف عنك لأنك حينئذ في حكم المجنون وقد قال صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل. رواه أبو داود وغيره وصححه الشيخ الألباني.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 57611، والفتوى رقم: 51043.
والله أعلم.