الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن من أهم مقاصد الزواج الإنجاب وهو مطلب فطري للرجل والمرأة، وحق مشترك للزوجين لا يجوز لأحدهما أن يمنع الآخر منه، وإذا تأخر لعارض من مرض أو نحوه جاز الأخذ بأسباب العلاج المشروعة، فعن أسامة بن شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم.
وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن الرجل لا يجب عليه نفقة علاج زوجته، لكن لا شك أن من حسن العشرة ومن تمام المروءة أن ينفق الرجل على علاج زوجته قدر استطاعته، أما ما زاد عن قدر استطاعته أو لم تطب نفسه ببذله فلا يلزمه، ومن هذا تعلم أنه لا يلزمك من سداد المال الذي دفعته الزوجة إلا ما اقترضته منها، أو وكلتها في دفعه أما ما عدا ذلك فلا يلزمك.
لكن ينبغي التنبيه إلى أن أمر الإنجاب أو غيره من أمور الزوجين هو حق لهما دون غيرهما، فلا يحق لأحد أن يتدخل في حياة الزوجين إلا بمشورة أو نصيحة بالمعروف، فما فعلته والدة زوجتك من التدخل في هذا الأمر خطأ، رغم أننا نقدر شعورها كأم تتلهف على ما يسعد ابنتها لكن ذلك لا يبرر لها التدخل في خصوصياتكم وتجاهل حقك في القوامة.
ويجب على زوجتك أن تعلم أن الله قد أوجب عليها طاعة زوجها في المعروف وأمرها بحسن عشرته وجعل له درجة القوامة عليها، فلا يجوز لها أن تخرج من بيته إلا بإذنه ولا أن ترفع صوتها عليه أو تخاطب بأسلوب غير لائق، ومن حسن العشرة أن تحسن إلى أهله وأن تعينه على بر والديه وصلة رحمه.
والذي نوصيك به أن تتعامل بالحكمة مع زوجتك وأهلها بما جعل الله لك من القوامة وبما ينبغي أن يكون بين الزوجين من التغافل عن الزلات والتجاوز عن الهفوات ، وأن تقدر أن تأخر الإنجاب عند زوجتك يسبب لها ضيقا وقلقا فينبغي أن تعوضها عن ذلك بحنان الزوج، وبما حباك الله به من الصبر وحسن الخلق، وأن تعينها على طاعة الله والتقرب إليه وكثرة الذكر والاستغفار وتعلم أمور دينها وشغل فراغها بما ينفعها في دينها ودنياها مع الإنفاق على علاجها بما يتيسر لك .
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك أن تسمح لزوجتك بالعلاج عند طبيب ما دامت هناك طبيبة تقوم مقامه وتسد مسده، وفي حالة عدم وجود هذه الطبيبة فيجب عليك ألا تسمح لها بالخلوة بالطبيب إلا في حال وجود محرم؛ لقول رسول صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلى ومعها ذو محرم. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.